الثورة أون لاين – إخلاص علي :
فيما اختار أولياء أمور تسجيل أبنائهم في نوادٍ صيفية حتى يكتسبوا مهارات تسعى في مجملها إلى إثراء عقولهم بالمعارف المختلفة وتنمية إدراكهم.. فضّل آخرون زجّ أطفالهم مبكراً في معترك الحياة عن طريق إقحامهم في سوق العمل في مهن تنطوي على مخاطر تهدد صحتهم وطفولتهم إما طمعاً في دخل مادي إضافي لمساعدتهم في مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، أو ظناً منهم أن ذلك سيسهم في بناء شخصياتهم ليكونوا رجال المستقبل .
ظاهرة تزيد في أشهر الصيف وتتفاقم مع خروج الطلبة من مدارسهم في عطلة من المفترض أن تكون استراحة ومتنفسا لهؤلاء الأطفال من عناء الدروس والامتحانات.
رغبة الأهل:
في أحد محلات بيع الخضار والفواكه يعمل الطفل حمزة حسن ذو السنوات العشر حيث ذكر : أن والده هو الذي أحضره للعمل هنا نتيجة صداقة تجمعه مع صاحب المحل .
ومن وجهة نظر الأب فإنه يرغب أن يقضي ابنه يومه بعيداً عن الشارع أو التلفاز . مضيفاً ” لامانع من أن يكتسب الولد مهنة وخبرة وحتى يكسب مالاً يسد به احتياجات سنته الدراسية المقبلة”
إعانة الأهل:
الطفل رامي فجر ١٢ عاماً يعمل في أحد محلات النجارة يقول: إن والديه موظفان وله أربعة أشقاء ويعيشون في بيت آجار
إذ يعمل لمساعدة أهله في مواجهة أعباء الحياة.. مشيرا إلى أنه تعلم الصنعة وأتقنها جيداً .أما مستواه الدراسي فهو متوسط ولاينوي إكمال دراسته لأن هذه المهنة حسب رأيه مربحة أكثر .
ملء الفراغ:
في أحد صالونات التجميل تعمل رنا سالم ذات ١٥ عاماً على تقديم الشاي والقهوة للزبائن والتنظيف .
إذ تقول إنها تعمل فقط في أيام العطل بهدف التسلية وتعلم المهنة إضافة إلى توفير مبلغ من المال .مشيرة أنه لامانع لدى أهلها في أن تعمل وتؤمن مصروفها .
توريث المهن للأبناء:
في أحد محلات الحلاقة للرجال يقول الأب سامر مالك الذي يصطحب ولده البالغ من العمر ١٣ عاماً أن نزول ولده معه في العطل الصيفية وحتى الأسبوعية يعتبر نوعاً من العرف والتقاليد في العائلة التي ورثت المهنة أبا عن جد حسب قوله.
لافتاً أنه يرغب في أن يكمل ولده تعليمه إلا أنه يرفض ألا يتعلم مهنة وصنعة والده.
الأم عبير فضة : ترى أن العمل ليس عيباً ولامشكلة لديها في عمل ابنها ونرفض أنا ووالده متابعة دراسته لأننا نرى خرجي الجامعات كيف يصارعون بعد إنهاء دراستهم للحصول على فرصة عمل وإن وجدوها فالراتب قليل.
مخاطر عمل الأطفال:
وعن الصعوبات والمخاطر التي يتعرض لها هؤلاء العمال الصغار ومن وجهة نظر طبية قال اختصاصي الأطفال الدكتور علي ابراهيم:
أنه ونتيجة لعدم مواءمة أجساد هؤلاء الصغار لطبيعة الأعمال ومشقاتها فإن الخطر الأكبر يكمن بوجود آليات ثقيلة ومواد كيماوية وفترات طويلة يتعرضون خلالها لأشعة الشمس بالإضافة إلى تعرضهم لبعض الاعتداءات الجسدية أو سوء المعاملة من خلال الضرب أو الشتم والإهانة .
فبدلاً من قضائهم مرحلة الطفولة باللعب مع غيرهم من الأطفال والاستمتاع بوقتهم والتفاعل مع الآخرين بطريقة سليمة وصحيحة فإنهم يقضون الكثير من الوقت في العمل مما يؤدي إلى ضعف قدراتهم على التواصل الاجتماعي بالأسرة والمجتمع وانخفاض ثقتهم بأنفسهم .
إيجابيات العمل بالنسبة للأطفال:
من وجهة نظر تربوية تحدث الأستاذ في علم الاجتماع كمال نصر عن إيجابيات هذه الظاهرة من ناحية أن العمل في سن مبكرة يعتبر بداية تبلور الهوية الفردية وبداية الاحتكاك المباشر مع سوق العمل ولو بشكل يسير والإحساس بالقدرة على الإنتاج رغم العناية الفائقة التي يحرص الأبوان على تحقيقها لأبنائهم غالباً..
مشيراً إلى غياب الخبرة السابقة التي يفتقدها الشاب أو الفتاة في البيت والتي يفترض أن يكتسبها من هناك عن طريق تقسيم العمل وتحمّل المسؤوليات بالتدرج حتى يكون جاهزاً للاندماج في المجتمع المحيط.
لعلّ مايزيد الطين بلّة بعض المفاهيم الاجتماعية التي ترى أنّ عمالة الأطفال الذكور تسهم في بناء شخصياتهم فتدفع العديد من العائلات أبناءها للعمل ..
الأمر الذي قد يعرضهم للعديد من حالات الانتهاك لحقوقهم والاعتداء عليهم وربما تعريض حياتهم للخطر .
فلا ننسى أن أطفالنا أمانة في أعناقنا ويجب أن لانترك مسألة حياتهم ومستقبلهم للصدفة بدون وعي أو تخطيط مسبق.