الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
على مدى أكثر من عشر سنوات من الحرب الإرهابية العدوانية على سورية لم تتوقف منظومة العدوان والإرهاب والجهات التابعة لها في المنطقة من دوائر إعلامية ممولة من قبلها عن فعل أي شيء يؤثر في معنويات السوريين لحرف أنظارهم عن المخطط الكبير الذي يستهدف وطنهم، ودوره المحوري في جميع قضايا المنطقة، إن كان عبر التخريب الممنهج لكل مقدرات السوريين وممتلكاتهم أو عبر بث الشائعات والفبركات والأكاذيب التي تجعلهم يشككون بعروبتهم وقوميتهم، من أجل دفعهم للتخلي عن قضية فلسطين على اعتبار أن ما يجري في سورية لا دخل له بتطورات المنطقة، وأن الصراع مع الكيان الصهيوني ليس بتلك الأهمية التي تجعلهم يولونه الاهتمام، ويدعمون من أجله المقاومة للاحتلال، إلى جانب الحملات الإعلامية المغرضة التي كانت تطال القيادة السياسية والجيش العربي السوري بهدف وضع إسفين بين الشعب والقيادة من جهة، وبين الشعب والجيش من جهة أخرى.
وقد ترافق ذلك مع عقوبات اقتصادية قاسية وحصار جائر للتضييق على الشعب السوري، ودفعه للتفكير بلقمة عيشه دون غيرها، والتخلي عن القضايا الوطنية والقومية التي تعنيه وتهمه، والأدهى من ذلك هو محاولة تحميل الحكومة السورية ومؤسسات الدولة مسؤولية الوضع المعيشي الصعب الذي آلت إليه الأمور في السنوات الأخيرة، مع أن الحرب والحصار والعقوبات الخارجية هي التي أوصلت الأمور إلى هذا الوضع الصعب باعتراف العديد من المنظمات الدولية، ومن يعد للوراء قليلاً لا بد أن يتذكر كيف كانت الأمور في سورية قبل الحرب، حيث مؤشرات الاقتصاد والتنمية أكثر من جيدة، وهناك وفرة في كافة السلع والمنتجات واكتفاء ذاتي من كل المحاصيل الاستراتيجية، إلى جانب التصدير الذي كان ينعكس إيجاباً باستمرار على الوضع المعيشي لكل فئات ومكونات الشعب السوري، ولكن استهداف سورية بالحرب والإرهاب وأعمال التخريب وتدمير البنية التحتية والمنشآت الحيوية من سدود ومحطات كهرباء ومدن صناعية من قبل الإرهابيين، وكذلك سرقة مصانع مدينة حلب “الخزان الاقتصادي لسورية” من قبل النظام التركي، والاستيلاء على حقول النفط والغاز من قبل الإرهابيين وداعميهم الأميركيين، وحرق المحاصيل الزراعية والغابات من قبل المرتزقة والعملاء، ودفع الكثير من السوريين للهجرة خارج الوطن بسبب الإرهاب، كل ذلك أدى إلى صعوبات اقتصادية ومعيشية، لكن رغم كل ذلك كان شعبنا بمنتهى اليقظة والوعي الوطني، حيث أعطى سيادته الوطنية واستقلاله وحماية ترابه الطاهر الأهمية القصوى، فوقف إلى جانب دولته وقيادته السياسية وجيشه البطل، وتمكن معهما من دحر الإرهاب بفضل صموده وصبره وتكاتفه وتلاحمه، وهو ما ألحق بالمشروع العدواني هزيمة منكرة لم يكن يتوقعها.
الأمر الذي دفع منظومة العدوان مجدداً إلى توجيه وتركيز كل اهتمامها على تدمير الاقتصاد السوري وإلحاق الضرر الكبير به، بهدف خنق الشعب السوري ومعاقبته على صموده في وجه الغطرسة والعدوان والإرهاب، فكان “القانون” الأميركي المسمى “قيصر” حلقة جديدة من حلقات استهداف صمود السوريين بأمانهم الاجتماعي والغذائي والمعيشي، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات غير أخلاقية وغير إنسانية بحق السوريين دون تمييز، واستهدفت محاصيلهم الزراعية بالحرق وثرواتهم النفطية بالنهب، إلى جانب استهداف ناقلات النفط في عرض البحر لخلق أزمات في الداخل السوري وتحميل الحكومة مسؤوليتها.
ولكن الوطنية العالية والوعي الكبير اللذين تحلى بهما أبناء شعبنا في مواجهة كل هذه الأفعال الشريرة قلب الطاولة على محور العدوان، حيث أثبتت الأسابيع الماضية التي سبقت الاستحقاق الرئاسي وتبعته وما جرى خلالها من أعراس الفرح بانتخاب السيد الرئيس بشار الأسد رئيساً للجمهورية أن الكرامة الوطنية عند السوريين هي فوق كل اعتبار.
وكانت الرسائل لكل من يعنيهم الأمر أن السوريين لا يبيعون كرامتهم وعنفوانهم وعزتهم كرمى لعيون بايدن أو ترامب، ولا يقايضون استقلالهم وقرارهم الوطني بحفنة من المساعدات الغذائية، حيث بدا تصميمهم واضحاً ولا لبس فيه بأنهم سيواجهون كل التحديات والعقوبات وكل سياسات العولمة المتوحشة والليبرالية الجديدة التي تسعى إلى تخريب المجتمعات العربية والإسلامية، وبث الانحلال والفساد والانحطاط الأخلاقي فيها، وهو ما يترجمه السوريون باستمرار تمسكاً بوطنيتهم الصادقة، والتزاماً بمبادئهم وقيمهم الأخلاقية التي تجعلهم كتلة واحدة في مواجهة كل ما يحاك ضدهم من مؤامرات من قبل قوى الشر والعدوان