الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
يصادف يوم 8 تموز 2021 الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لفتوى محكمة العدل الدولية بشأن الوضع القانوني للأسلحة النووية، وقد وجدت المحكمة بالإجماع أن “هناك التزام بمواصلة المفاوضات بحسن نية، والتوصل إلى نتيجة تؤدي إلى نزع السلاح النووي بجميع جوانبه تحت رقابة دولية صارمة وفعالة”.
كما وجدت المحكمة أن التهديد باستخدام الأسلحة النووية أو استخدامها يتعارض “بشكل عام” مع القانون الدولي الذي يحظر إلحاق ضرر عشوائي وغير متناسب بالمدنيين والبيئة.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تخضع فيها الأسلحة النووية للتدقيق بموجب القانون الدولي، فقد أنشىء القرار الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي تم تبنيه بالإجماع في 24 كانون الثاني 1946 من قبل لجنة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لضمان “إزالة الأسلحة النووية وجميع الأسلحة الرئيسية الأخرى القابلة للتكيف مع الدمار الشامل من التسلح الوطني”.
“إعلان عام 1961 بشأن حظر استخدام الأسلحة النووية والحرارية النووية”، الذي اعتمده أكثر من ثلثي الجمعية الوطنية للأمم المتحدة، بما في ذلك الاتحاد السوفييتي، ولكن عارضته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، والصين صرَّحت أن استخدام الأسلحة النووية “سيتجاوز حتى نطاق الحرب، ويسبب معاناة ودماراً عشوائيين للبشرية والحضارة، وعلى هذا النحو، يتعارض مع قواعد القانون الدولي والقوانين الإنسانية”.
تتضمن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 1970 (NPT) التزاماً قانونياً بنزع السلاح النووي يلزم الدول الخمس الأصلية المسلحة نووياً، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين وتنص على ما يلي: “كل من الأطراف في المعاهدة يتعهد بمواصلة المفاوضات بحسن نية بشأن التدابير الفعَّالة المتعلقة بوقف سباق التسلح النووي في موعد مبكر ونزع السلاح النووي “.
وقد أعيد تأكيد التزامات نزع السلاح الواردة في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وعززتها الاتفاقات المبرمة فيما يتعلق بقرار تمديد معاهدة عدم الانتشار لعام 1995 ومؤتمري استعراض معاهدة عدم الانتشار لعامي 2000 و 2010 ، فضلاً عن فتوى محكمة العدل الدولية لعام 1996.
في عام 1984، صرّحت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: “من الواضح أن تصميم الأسلحة النووية واختبارها وتصنيعها وامتلاكها ونشرها هي من بين أكبر التهديدات التي تواجه البشرية اليوم”.
وفي عام 2018، أعادت لجنة حقوق الإنسان النظر في السؤال، وأعلنت أن “التهديد باستخدام أسلحة الدمار الشامل، ولاسيما الأسلحة النووية، التي تعتبر عشوائية الأثر وذات طبيعة تتسبب في تدمير الأرواح البشرية على نطاق كارثي يتعارض مع احترام الحق في الحياة، وقد يرقى إلى مستوى جريمة بموجب القانون الدولي “.
واستناداً إلى رأي محكمة العدل الدولية، وجدت اللجنة أن الدول الأطراف يجب أن “تحترم التزاماتها الدولية بالسعي بحسن نية إلى إجراء مفاوضات من أجل تحقيق هدف نزع السلاح النووي في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة”.
وهناك تطور آخر حديث وهو مفاوضات 2017 بشأن معاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW)، التي دخلت حيز التنفيذ في 22 كانون الثاني 2021.
وتحظر هذه المعاهدة على وجه التحديد تطوير أو حيازة أو استخدام أو التهديد باستخدام أسلحة نووية لتلك الدول التي صدقت عليها، ومن ثم فهو يعزز عدم الشرعية الحالية للتهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها المطبق على جميع الدول.
في حين أن معاهدة حظر الأسلحة النووية تمثل رفضاً تاماً للأسلحة النووية من قبل معظم الدول التي لا تمتلكها، فقد قاطعت الولايات المتحدة والدول الثماني الأخرى المسلحة نووياً وتقريباً جميع الدول الواقعة تحت المظلة النووية للولايات المتحدة المفاوضات. ففي بيان مشترك بعد 7 تموز 2017، في تصويت الأمم المتحدة لاعتماد المعاهدة، أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة: “لا ننوي التوقيع أو التصديق أو الانضمام إلى (المعاهدة) على الإطلاق”.
بعد خمسة وعشرين عاماً من إعلان محكمة العدل الدولية الالتزام بتحقيق نزع السلاح النووي من خلال المفاوضات بحسن نية، أين يقف العالم؟.
في 27 كانون الثاني 2021 ، أعلنت نشرة علماء الذرة أنها ستبقي عقارب ساعة يوم القيامة عند 100 ثانية حتى منتصف الليل، وهي أقرب نقطة شهدناها على الإطلاق إلى النسيان العالمي ، قائلة: “من خلال تقديرنا، فإن احتمالية وقوع العالم بحرب نووية، هو خطر دائم التواجد على مدار 75 عاماً الماضية، وقد ازداد في عام 2020”
في الواقع، زادت التوترات بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين بشكل خطير، مع وجود التوتر في أوكرانيا وتايوان والتي يمكن أن تفرز مواجهات نووية.
على الرغم من الآمال بالنسبة للإدارة الأمريكية الجديدة، فإن طلب ميزانية عام 2022 الذي قدمه الرئيس بايدن يمدد التمويل لجميع ترقيات الرؤوس الحربية النووية، وأنظمة التسليم في ميزانية ترامب، بالإضافة إلى الاستثمار الهائل في البنية التحتية للأسلحة النووية، بهدف عرض أبحاث الأسلحة النووية وتطويرها وإنتاجها، والانتشار في النصف الثاني من هذا القرن.
يجب أن يشير البيان المشترك الصادر عن الرئيس الأمريكي بايدن والرئيس الروسي بوتين، والذي “يعيدون فيه التأكيد على مبدأ أنه لا يمكن الانتصار في حرب نووية، ولا يجب خوضها أبداً”، إلى بداية حقبة جديدة من الجهود الدبلوماسية المكثفة بشكل مركزي تشمل الولايات المتحدة وروسيا والصين.
ويمكن أن تؤدي التخفيضات الدراماتيكية للمخزونات النووية الأمريكية والروسية إلى مفاوضات شاملة لنزع السلاح مع الدول الأخرى المسلحة نووياً.
كما يجب على الدول المسلحة نووياً وحلفائها أن يرحبوا بمعاهدة حظر الأسلحة النووية كخطوة إيجابية نحو التفاوض على اتفاق شامل طال انتظاره بشأن تحقيق عالمِ خالِ من الأسلحة النووية، والحفاظ عليه بشكل دائم، بما يتفق مع رأي محكمة العدل الدولية، ومتطلبات القانون الدولي الأخرى التي سبقت معاهدة حظر الأسلحة النووية من خلال العقود الماضية.
المصدر:
InDepth News