الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
في منتصف شهر نيسان 2021، حدد الرئيس الأمريكي جو بايدن شهر أيلول القادم، وتحديدا في الذكرى العشرين لهجمات 11أيلول، كموعد نهائي للانسحاب الكامل للقوات من أفغانستان.
ومع ذلك، يبدو أن الأمور سارت قبل الموعد المحدد بوقت طويل، وذكرت وكالة رويترز مؤخراً أن الانسحاب الكامل قد يكون على بعد أيام فقط.
في غضون ذلك أنهت عدة دول في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بما في ذلك ألمانيا وهولندا وجورجيا وبولندا وسويسرا وإستونيا والنرويج وإسبانيا ورومانيا انسحابها، وغادرت أيضاً وحدات أصغر من البرتغال وجمهورية التشيك وسلوفينيا وفنلندا وألبانيا ومقدونيا الشمالية ولوكسمبورغ.
وإلى جانب مغادرة الجنود والأفراد العسكريين، كانت هناك أيضاً سلسلة من عمليات تسليم البنية التحتية الهامة والمنشآت العسكرية والأصول الاستراتيجية إلى السلطات الأفغانية. وفي أواخر حزيران 2021 ، نقل الناتو مراقبة الحركة الجوية في مطار “بلخ” إلى هيئة الطيران المدني الأفغانية، كما انسحبت الولايات المتحدة من قاعدة “باغرام”، وهو رمز رئيسي وحجر زاوية لقوتها العسكرية في أفغانستان. وفي الوقت نفسه سلمت القوات الإيطالية السيطرة على مطار هيرات إلى قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية وأكملت انسحابها من أفغانستان.
ومع ذلك، فإن الانسحاب الأمريكي يترك أعمالاً غير منتهية والعديد من الأسئلة تطرح نفسها، وتبدو التحديات التي تنتظر أفغانستان هائلة، يبدو أن الحرب الأهلية التي طال أمدها هي مصدر القلق الرئيسي مع استمرار تصاعد القتال بين القوات الأفغانية وطالبان.
أبلغت ديبورا ليونز- المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة بشأن أفغانستان- مجلس الأمن الدولي أن طالبان استولت على 50 من أصل 370 مقاطعة في البلاد. ومعظم هذه المناطق التي تم الاستيلاء عليها تحيط بالعواصم الإقليمية مما يشير إلى أن الخطط العسكرية لطالبان موجهة نحو الاستيلاء على العواصم بمجرد انسحاب القوات الأجنبية بالكامل.
هناك مخاوف متزايدة بشأن قدرة الحكومة الأفغانية على الاستجابة بفعالية لهذا التحدي، في الواقع، هذه المخاوف مشتركة داخل واشنطن، فقد أكد تقييم استخباراتي أمريكي حديث أن الحكومة الأفغانية يمكن أن تنهار في غضون ستة أشهر بعد رحيل الولايات المتحدة حسب زعمها. وفي جلسة استماع للجنة المخصصات بمجلس الشيوخ أقر الجنرال مارك ميلي بأن انهيار الحكومة أو حل قوات الأمن الأفغانية هو احتمال حقيقي، غير أن كبار المسؤولين الأفغان يرفضون هذه التأكيدات، وقال عبد الله عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية: “من المستحيل أن تسيطر طالبان على أفغانستان بالحرب”.
ومع ذلك فقد لاحظ الخبراء أن اعتماد قوات الأمن الأفغانية على الأموال والمتعاقدين الأجانب، وتدني معنوياتهم ومعداتهم السيئة، وضعفهم أمام الفساد، يجعلهم قوة قتالية دون المستوى الأمثل ، وهو الأمر الذي أكدته الحكومة في دعوتها المتطوعين المدنيين لحمل السلاح ضد طالبان. وهنا يمكن أن يكون لعسكرة عموم السكان عواقب وخيمة على المدى الطويل، فمن غير الواضح كيف وإلى أي مدى ستحتفظ واشنطن بوجود عسكري في المنطقة.
وفي الوقت الحالي ترفض باكستان إمكانية استضافة القواعد الأمريكية، كما تم رفض المهام عبر الحدود التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية في أفغانستان من قواعد في باكستان.
علاوة على ذلك، فقد كان التشرذم السياسي مشكلة مستمرة في أفغانستان، حيث استفادت حركة طالبان من الانقسامات داخل النخبة السياسية الأفغانية.
تأسس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عام 2020 لتقديم جبهة موحدة في مفاوضات السلام مع “طالبان”، وبدلاً من ذلك سعت “طالبان” إلى عرض محادثات مباشرة مع السياسيين الأفغان من أجل مزيد من الانقسام في التحالفات وخلق الخلاف.
كما أصبحت قيادة الرئيس أشرف غني محل نزاع على نحو متزايد، لاسيما على أسس عرقية، وقوبلت جهوده الأخيرة لتعيين حاكم إقليمي في فارياب باحتجاجات، وكان النهج الأبوي لأشرف غني في الحكم نقطة خلاف.
وتشير أحدث تعليقات لعبد الله عبد الله إلى أن الحكومة تراهن على دفع “طالبان” للعودة إلى طاولة المفاوضات، ومع ذلك فإن القيام بذلك يتطلب بناء إجماع سياسي، والحفاظ على الوحدة، وخوض معركة فعالة ضد “طالبان”، ومع اقتراب الحرب من أبواب كابول، يبدو مستقبل أفغانستان غير مؤكد بشكل متزايد.
المصدر: Eurasia Review
التالي