وافق مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه الدائمين والدوريين على القرار ٢٥٨٥ الخاص بالمعابر الإنسانية وآلية إدخال المساعدات الإغاثية إلى سورية، ما يعد خطوة متقدمة في عمل المجلس الذي لم يتخذ قراراً بالإجماع منذ أكثر من سبع سنوات.
والقرار الذي يعد متابعة وتعديلاً للقرار الأممي رقم ٢١٥٦ لعام ٢٠١٤ وحصر إدخال تلك المساعدات بمعبر باب الهوى وحده لمدة ستة شهور فقط تنتهي في العاشر من شهر كانون الثاني القادم، الأمر الذي يعني عدم السماح بإدخال تلك المساعدات من معابر اليعربية والسلام وغيرها، إضافة إلى التمهيد لإغلاق معبر باب الهوى ذاته لاحقاً، وذلك تنفيذاً والتزاماً للقوانين الدولية المتعلقة بهذا الشأن واحترام ميثاق الأمم المتحدة أصلاً.
وزارة الخارجية اعتبرت أن هذا القرار يحمل بوادر إيجابية كثيرة، وأن الأصدقاء الروس والصينين بذلوا جهوداً كبيرة للوصول إلى هذا القرار الذي يحترم وحدة وسيادة الدولة السورية ويمهد للعودة إلى الشكل القانوني في إشراف الحكومة على إدخال المساعدات وتوزيعها على الفئات المحتاجة بنفسها، طالما أن القانون الدولي نفسه ينص على ذلك وهو ما أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في اجتماعها ١٩٩٠ تأكيداً لما جاء في الميثاق نفسه وفي مادته الأولى الذي يؤكد على ضرورة تحقيق التعاون الدولي المشترك لحل المسائل الدولية وإيصال المساعدات وحل القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية، وفي هذه الأخيرة اقتضت القوانين ذاتها أن تعمل منظمات الأمم المتحدة للغوث والمساعدات الإنسانية وفق معايير الحيادية وعدم التحيز والتعامل الإنساني واتباع مبدأ الاستقلالية، الأمر الذي خالفته الولايات المتحدة الأميركية خلال تمريرها القرار ٢١٥٦ الآنف الذكر والذي سمح للمجموعات الإرهابية بالحصول على السلاح من تلك المعابر غير الشرعية بتمرير تركي ضمن توافق العدوان على سورية.
واليوم يجري تصويب وتصحيح ما جرى قبل سبعة أعوام من استعادة للحق وإعمال للقانون الدولي إذ أن الأعمال الغوثية يجب أن تتصف بالحيادية وتصل إلى السكان المدنيين وحدهم وذلك بموافقة الحكومة الشرعية، أو ما يعرف قانوناً بالدولة صاحبة الإقليم، ويكون الهدف هو تخفيف الأعباء الواقعة على أولئك السكان المدنيين الذين يعانون من ويلات الإرهاب أو يتعرضون لظروف كارثية طبيعية أو بيئية أو صحية، وفي وضعنا وحالنا في سورية عملت قوى العدوان الأميركية والتركية ومن خلفها الأوروبيون على تغيير الواقع والمفاهيم في آن واحد وذلك استمراراً مع حالة العدوان الإرهابي ذاتها التي اعتمدت التضليل والكذب والافتراءات أسلوباً في الحرب على سورية.
وربما يبقى الموقف الذي أعلنه بسّام صباغ، مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بأن سورية تؤكد على موقفها الثابت من رفض لهذه الآلية المسيّسة لما تمثله من انتهاك فظ لسيادة واستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السورية مضيفاً أنه توجد عيوب شابت عمل الآلية، من ضمنها “غياب الشفافية والمصداقية والمهنية في الرقابة والتوزيع والفشل في ضمان وصول المساعدات لمستحقيها وليس للمنظمات الإرهابية”.
فاليوم ربما نكون قد دخلنا في أول الطريق الذي يعيد الأمر أو جزء منه لوضعه الطبيعي والصحيح، ويستعيد المجتمع الدولي مضطراً دوره في إقرار الحق القانوني الذي هيمنت عليه واشنطن حيناً وتسعى للهيمنة عليه دوماً.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد