فلسفة الإشراق عند السهروردي

تعتمد رؤية السهروردي في فلسفته على دعامتين فلسفة العرفان والكشف أولا، والبعد العقلي البرهاني ثانيا، والفلسفة الإشراقية تمثل في السياق التاريخي للإسلام ثورة حقيقية وهي فلسفة إسلامية في تصوراتها وتنبع من رافدين عرفاني وعقلاني، والأساس في الفلسفة الإشراقية حول حقيقة الوجود أن الأساس هو النور والله هو نور الأنوار وأنه نور علوي أوجد السموات ونور أفقي أوجد عالم الأرض أو العالم السفلي، وأن الشوق والعشق هي ما يحرك العالم وكل ما صدر عن هذا الفيض الإلهي يسعى للكمال والعودة إليه، وهناك حركة ديناميكية بين العالمين العلوي والسفلي تتجاذبان، والشوق والتوق هو الذي يحرك هذه العلاقة والنفس هي فيض نوراني وهي في توق دائم للعودة إلى المصدر وهذا لا يتم إلا بتحررها من الجسد وعودتها إلى عالمها الأول، ولكن ما هي السبل للوصول إلى هذه الغاية؟ إنها المعرفة الواصلة لذلك وهنا تصبح المعرفة العقلية محدودة وحسية ولكن المعرفة الروحية الإشراقية هي السبيل لذلك والقلب هو باب الغيب ومدخلها والقلب هنا ليس العضو المادي ولكنه الروح والنفس، وهذا لا يحصل إلا من خلال تخليص النفس وتطهيرها من أدران الذنوب والشهوات والغرائز، وهذا شرط إجباري لحصول المعرفة الإشراقية، فالقلب كالمرآة كلما كانت صافية ونظيفة كلما انعكست عليه الحقائق الإلهية فهي تسمو وترتقي لتصل إلى عالم الأنوار بصورة صحيحة فتشرق عليها الحقائق الإلهية، فالنور لا ينعكس إلا على المرأة الصافية وليس على الأجسام الصلبة أو الملوثة، وقد وضع السهروردي خريطة طريق للوصول إلى هذه المرتبة من مرحلتين، أولها ترويض النفس ومجاهدتها والزهد والتحلي بالفضائل والتوجه إلى الله بكل الجوارح فهو المعشوق الأول والأخير، والثاني هو المعرفة والعلم، والجهل هو العازل للنور عن القلب فلابد من المعرفة العلمية والفلسفية والحكمة الصوفية للوصول الى الحقائق وصولاً للمعرفة الإشراقية النورانية والعلماء وصف لمرتبة الحكيم المتأله الباحث وهم مستويات ثلاثة الأول الحكيم الباحث الذي يركز جهده على الكون والطبيعة كفلاسفة اليونان وهم المرتبة الأدنى لانهم حصروا معرفتهم بالعلوم العقلية والاستدلالات المنطقية، والثاني هو الحكيم المتأله وهم من ارتقت نفوسهم فوق أغلال الجسد ولكنهم لم يرتقوا إلى المرتبة الأعلى كالأنبياء والأولياء من المتصوفة لانهم أهملوا الجانب البرهاني الفلسفي وهم الحالة الوسيطة، أما المرتبة الثالثة فهم الحكيم المتأله الباحث أي الإشراقيون الذين جمعوا بين المعرفة العقلية والتجربة الصوفية العرفانية وهم من وجهة نظرهم المؤهلون والأجدر بالقيادة الدينية والدنيوية وأفضل من يمثلهم السهروردي.

فهذه الفلسفة تستند إلى البرهان العقلي والتجربة الصوفية أي الدمج بينهما والمزاوجة ما بين العقل والقلب والفلسفة الإشراقية هي نسق فكري فلسفي وليست فلسفة صوفية خالصة، والسهروردي شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي من سهرورد في بلاد فارس وكتابه حكمة الإشراق بدل فلسفة الإشراق وكذلك كتابه هياكل الإشراق بنى عليه فلسفته فلكل هيكل عمود أو فكرة يحملها وكان سؤاله من علماء حلب آنذاك هل الله قادر على خلق نبي ثانٍ اختبارا محرجا له فلو قال نعم لكفروه لتعارض ذلك مع حديث نبوي ولو قال لا فالله قادر على كل شيء وعندما طلب علماء حلب إعدامه من صلاح الدين الأيوبي كان لهم ذلك حيث أرسل صلاح الدين لولده الملك الظاهر حاكم حلب كتاباً بذلك الشأن ولكنه ماطل لأنه كان يحب السهرودي فعاود علماء حلب ذلك فأرسل صلاح الدين كتاباً طالباً من ابنه إعدامه وإلا خلعه من الملك فاضطر لسجنه في قلعة حلب وطلب إليه أن يختار طريقة إعدامه فاختار الموت من الجوع وهذا ما حصل حيث منع عنه الطعام وهو أساساً متصوف رث الثياب قميء الشكل كما يقال زاهد في الدنيا وكان عمره ثمانية وثلاثون عاما فمات قرابة سنة 1187للميلاد سنة تحرير القدس بمكيدة من معارضي فلسفته الذين كانوا يكرهون الفلاسفة وكذا دماء العاشقين تباح، إنه عمل فقهاء السلطان في كل العصور.

نظرية الفيض الإلهي أي أن العقل أول ما فاض عن الله وهي فلسفة السهروردي حيث حاول التوفيق بين الفكر الفلسفي والفكر الديني الإسلامي وكذلك خلود النفس وأن الإنسان أسرف المخلوقات وهذه مشتركات بين الحكماء والشريعة هذا في كتابه الصوفية أما كتاب الألواح العمادية وكتاب الإلهيات فيتحدث فيه عن الماهية والوجود.

والسهروردي كان فيلسوفاً وجودياً قبل هايدجر وجان وبول سارتر في رحلة البحث عن المعرفة ففي العودة لهذه الإضاءات الهامة في تاريخنا نكتشف كم كنا نبحر في ميدان الفلسفة في ظل تعتيم على ذلك التاريخ المشرق مارسه المستشرقون جاعلين من الغرب الفاعل الوحيد لما سمي عصر الأنوار.

إضاءات- د : خلف المفتاح

 

 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية