صندوق الأفكار بدا خاوياً.. حين تنبّهتْ إلى كم الفراغ الذي يحيط بالمكان..
كيف حصل أن خفتت أصوات الحياة في الحي الذي اعتاد ضجيجاً متصاعداً لا يهدأ..
يبدو أن هذا ما تنقلب إليه الحياة حين يغدو “الشح” وافراً وأكثر الأشياء حضوراً، حتى في تعامل الناس مع بعضهم.
للحظة.. تهيّبت من تمدّد هذا الشحّ في الماديات..
أتراه يهدّد حتى أشياءنا غير الملموسة..!
اندهشت.. إذ كيف لسيرك الأفكار الذي تهرب منه عادة، أن يخفت صوته ويتلاشى صداه داخل دماغها..!
لعل كل شيء فينا يصاب بالخمول.. ويهمد هكذا فجأة دون سابق إنذار..
حتى شيطان الأفكار يصادف أن يصيبه نوعٌ من فقدان الشهية..!
الخمول على صعيد النشاط اليومي الحركي أو في التفاعل مع الآخر ربما سبب خمولاً في الأفكار..
وربما كان العكس صحيحاً، بمعنى خمول الأفكار وعدم القدرة على عيش الحيوية فيها يؤدي إلى خمول النشاط الاجتماعي..
هل نكون بذلك معاكسين لما دعا إليه الفيلسوف الألماني بيتر سلوتردايك من فصل بين عيشنا وتفكيرنا، حين ذكر مقولته الشهيرة: “العيش بحرارة والتفكير ببرودة”..؟
وحتى لو اتسم عيشنا بالحركة الدائمة، هل يعني ذلك أننا نحيا بحرارة.. بشهية.. ورغبة ﻻ يحدّها أي شيء..؟!
فالحركة الظاهرة، لا يعني أنها قادرة على اختراق فضاء الصمت والسكون الذي يحيط بالأشياء والأشخاص.
أتكون ولادة الأفكار اللازمة لاستجلاب الحيوية والتجدد في حياتنا عسيرةً لدرجة يصعب إبصارها..؟
ربما يكمن السر في الحركة “بحرارة”..
عدم الركون إلى ثبات الموجودات.. وإلحاق كل ساكن بما يلزمه من طاقة دفع تضمن متابعة السير..
وعلى رأي الكاتب فريدريك لينوار: “لا عليك أبداً أن تجمّد تفكيرك بل أن تتعلم مغادرة منطقة الاستقرار الخاصة بك، والخروج لمقابلة المجهول”.
رؤية – لميس علي