لا هي منكسرة .. ولا هي منتصرة .. واللعبة ما زالت على الأرض .. و” الدق على الطاولة ” .. الحساب الذي يوصل إلى نتائج صحيحة، هو حساب أهداف الغزو الأميركي لأفغانستان .. و قراءة فيما إذا كانت الولايات المتحدة حققت ما تريد من هذا الغزو الذي كلفها الكثير .. وأهم ما كلفها هو اضطرارها إلى تغيير بنيوي في الفكر السياسي الأميركي المعاصر.
و لن أستغرب .. أن تجد الولايات المتحدة وضعها يوماً كذاك الذي صرخ خوفاً من الحرامي ..قالوا له : دعه .. فقال أنا تركته .. لكن هو لا يتركني ..
طبعاً ومن دون أي شك أن الولايات المتحدة تعلم ذلك وتحسب حسابه .. لكن .. إن كان حسابها أنها تترك لحلفاء ان يتولوا الأمر كتركيا مثلاً .. فهو خيار خاسر بالتأكيد إلا إن كان الهدف منه اختيار مستنقع لتركيا لتغطس فيه .. ولا أظن أن أردوغان يقع هذه الوقعة.. رغم طبائع و انطباعات الغطرسة التي كثرت في سياسته مؤخراً بشكل خاص ..
ويبقى السؤال: على من .. أو على ماذا .. تراهن أميركا في انسحابها من أفغانستان ؟ بعد ذاك الليل الطويل الذي أمضته فيها من دون نتائج مرئية !!.. الواضح اليوم أنها تراهن على حالة فوضى دولية ” خلاقة “.. لخلق محشر ما … لروسيا أو للصين ..
والغريب أن تراهن الولايات المتحدة على ذلك وكأنها تفترض غياب العزيمة .. سواء المقاومة المقاتلة الرافضة أو حتى الدبلوماسية .. لكل دول المنطقة .. بما فيها روسيا والصين ..
يستغرب المرء أن تقوم دول عظمى و دول إقليمية قوية ببناء مواقف لها مرتبطة كل هذا الارتباط بمحاولة التعرف على ما تريده الولايات المتحدة والترتيبات التي تتجه إليها، بحيث لا ترى لها مواقف مواجهة أو استراتيجيات .. أو حتى تكتيكات تواجه الوضع الذي خلفته أميركا للمنطقة ..
لا أقول: لا يوجد ..بل أقول: لا أراه حتى الآن ..
ولذلك تراه صوت أردوغان .. يعلو .. يعد وفي وعوده ما يشبه التهديد !! وهو ما لا يمكن أن يحدث إلا بموافقة الولايات المتحدة..
مهمة كهذه في مثل هذه المنطقة كبيرة جداً على أن يستطيع أردوغان أن يفلح بها .
هذا يجعلك تنفي تماماً أن تكون النيات الأميركية قد ارتسمت بوضوح في المنطقة.. أو علينا أن نصدق أن أميركا تغادر أفغانستان منكسرة!! و حقيقة الأمر ليست كذلك أبداً .. لذلك ينصح الراغب في الاقتراب من الدقة في فهم الحكاية .. قراءة الهوامش ..
في الهوامش ستتلى سير الكثيرين .. واحد منهم هو رجب أردوغان ..
معاً على الطريق – أسعد عبود