الثورة أون لاين – دينا الحمد:
منذ غزوها لأكثر من شعب ودولة في القرن الماضي والقرن الحالي أدركت الولايات المتحدة الأميركية ونُخبها السياسية والعسكرية التي تسيطر على شركات المال والسلاح والنفط أن قهرها للشعوب ونجاحها في نهب ثرواتها وتطويعها لإرادتها يتطلب نجاحها في الحروب الإعلامية والنفسية والدعائية ضد خصومها وأعدائها، وأن ذلك يربحها أكثر من نصف المعركة، ولهذا السبب فقد أرَّخ العديد من الباحثين والمحللين الأميركيين أن سبب خسارة حربهم في فيتنام كان بسبب سوء استخدامهم لوسائل الإعلام آنذاك.
وعلى هذه القاعدة استندت الاستراتيجية الأميركية على ضرورة كسب تلك الحرب، وعمل المستعمرون الجدد الذين يسيطرون على الكونغرس والبنتاغون و”السي آي إيه” على تحقيق ذلك، وقالوا مراراً وتكراراً أنهم لن يكسبوا أي حرب مستقبلية دون أن يخوضوا حرباً إعلامية ونفسية ويبثوا الشائعات المغرضة أولاً وقبل كل شيء، ولهذا يسجل التاريخ، وفي عام 1980 تحديداً أنه تم تدشين قناة “سي إن إن” لهذه الغاية، وهي أول قناة إعلامية أميركية اضطلعت بهذا الدور القذر.
وعلى مدى عشر سنوات من الحرب العدوانية على سورية كانت أميركا وإعلامها ككل، من “سي إن إن” إلى آخر محطة تلفزيونية وصحيفة، إلا باستثناءات محدودة، تمارس هذا الدور القذر ضد السوريين، فمارست عليهم كل أنواع الحروب النفسية والدعائية والإعلامية المضللة، وكذبت كثيراً في موضوع حقوق الإنسان، وفبركت كثيراً في قضية الأسلحة الكيميائية، وفي محاربة الإرهاب المزعوم، وفي عشرات القضايا الأخرى.
وضمن حربها النفسية التي استهدفت السوريين حاولت النيل من معنوياتهم، وحاولت خداعهم بأنها تريد تحريرهم المزعوم من دولتهم وحكومتهم، وصورت احتلالها للأراضي السورية بأنه من أجل محاربة الإرهاب ومساعدة السوريين تماماً كما صوّر إعلامها المضلل احتلالها للعراق بتحريره، وكما صوّر قصف ليبيا وتشريد أهلها بإنقاذهم من “ديكتاتورية القذافي”.
وفي السنة الأخيرة من حربها العدوانية على سورية زاد منسوب الهستيريا الأميركية ضد سورية، من تشديد للحصار إلى العدوان العسكري المباشر مروراً بنهب النفط وسرقة الثروات ودعم الميليشيات الانفصالية والتنظيمات المتطرفة.
وخلال إنجاز السوريين لاستحقاقهم الدستوري الأخير المتمثل بالانتخابات الرئاسية رفعت أميركا حربها التصعيدية مشككة بنزاهتها ومطالبة الحكومة السورية بإلغائها،
لكن السوريين تمكنوا من إنجازها وأرسلوا لأميركا وأدواتها رسائل عديدة أولها تمسكهم بمواعيدهم الدستورية مهما بلغت حملات الضغوط لإلغائها، وإجماعهم على العمل لإعادة إعمار سورية ونهوضها من تحت رماد الإرهاب الذي طال ليله المظلم، وترسيخهم للديمقراطية التي بات نهجاً سورياً ثابتاً لا تراجع عنه مهما كانت الضغوط، ومهما بلغت مؤامرات الأعداء والمنضوين تحت أجنداتهم الاستعمارية، وأثبتوا لمنظومة العدوان أن دولتهم السورية تؤمّن للمرشحين مهما تعددت انتماءاتهم السياسية الأجواء المناسبة للقيام بحملاتهم، وأن مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية تتصدى لهذه المهمة بكل تفاصيلها قولاً وفعلاً، ومثلما تفاعل السوريون مع محطتهم الدستورية تلك وأنجحوها سيتابعون مشوار العمل بعد أداء السيد الرئيس بشار الأسد القسم الدستوري، وسيعبرون بكل ثقة إلى مرحلة الأمان والاستقرار والبناء.