كيف ولدت الألعاب الأولمبية؟

الثورة أون لاين:

لعب ازدهار الحالة الاقتصادية في العالم بشكل عام في نهاية القرن 19، وانتشار الثقافة وتوسع العلاقات الدولية بين المجتمعات، دوراً كبيراً في تطور الحركة الرياضية العالمية من خلال إقامة المباريات.
وكان لا بد إزاء هذا الواقع من وضع الأنظمة التي تدير الألعاب والمسابقات وترعى شؤونها، وإنشاء الملاعب الضخمة وما يلزمها.
وفي منتصف هذا القرن، كانت اليونان محط إعجاب عدد من علماء الآثار الذين زاروا أولمبيا وكشفوا عن بقايا الملاعب الرياضية القديمة، فقام رجل الأعمال اليوناني ايفانغيلوس زاباس بفكرة إحياء الألعاب الاولمبية.
وبدعم من حكومة بلاده، تمكن زاباس من إقامة المباريات الأولمبية في 15 تشرين الثاني 1859، وباءت بالفشل كما في الأعوام 1870 و1875 و1889، وذلك بسبب سوء التخطيط وعدم توافر التجهيزات المناسبة. لم يتمكن المشاهدون من رؤية المتبارين بوضوح، والبعض منهم كان يثير خلافات كانت تصل إلى حلبة المباريات (الجري والوثب والرمي والجمباز…) أحياناً، فتعم الفوضى والمشكلات.
ثم أتى البارون بيار دو كوبرتان وغير هذا المفهوم، وهو أرستقراطي عمل سنوات عدة على تحسين المستوى الرياضي في فرنسا، إضافة إلى اهتمامه الشديد بالرياضيين.
كان يشجع على التعاون بين الدول عبر إقامة أصوات رياضية أو غير رياضية لأنها وسيلة يعمم من خلالها السلام.
وبعد دراسة عميقة لآثار مدينة أولمبيا وكونه محباً للرياضة، اقترح كوبرتان إحياء المباريات من جديد.
واستضاف البارون عام 1892 الاتحاد الفرنسي للنوادي الرياضية الذي أسسه قبل خمسة أعوام. وفي خطابه اقترح مشروع الألعاب الاولمبية فلقيت مبادرته مزيجاً من التردد والاستخفاف.
فهل كان قصد كوبرتان أن يتنافس الفرنسيون مع الآسيويين والأفارقة؟ هل كان يقترح إعادة المباريات بين الإغريق كما كانوا يفعلون في الماضي وهم عراة؟
ورغم عدم تجاوب الأعضاء رفض كوبرتان أن يستسلم. ونظم مؤتمراً عالمياً في 23 حزيران 1894 تحدث فيه عن الرياضة، وكان المحور الأساس كيفية إحياء الألعاب الأولمبية من جديد، واختتمه بتشكيل لجنة أولمبية دولية حددت المكان المناسب لإقامة الألعاب الأولمبية الحديثة، أي في مدينة أثينا عام 1896، وجاء اختيارها تكريماً لليونان مهد الألعاب.
وشكلت اللجنة التنفيذية من 14 عضواً يمثلون 12 بلداً هي فرنسا، إنكلترا، الأرجنتين، بلجيكا، المجر، اليونان، إيطاليا، نيوزيلندا، روسيا، الولايات المتحدة ، تشيكيا والسويد. ترأسها اليوناني ديمتريوس فيكيلاس، وكان كوبرتان نائباً له.
وكتب الميثاق الأولمبي من المثل الداعية إلى إزكاء روح الحرية عند الفرد، وبالذات عند المشتركين في الألعاب، وإجراء مباريات تتسم بالروح السمحة والصدر الرحب، ومحاولة تطوير الإنسان وتحسينه وارتقائه عقلياً وأخلاقيا وبدنياً.
وانطلقت الألعاب الأولى بمثابة تجسيد لحلم كوبرتان الذي كان يتطلع إلى عودة الإنسان (الجميل الصالح)، إلا أن هذا الحدث غير لاحقاً تفكير الإنسان الغربي بنفسه.

حضاريون

وإذا كانت الألعاب انطلقت في العصر القديم كحدث ديني، فقد تحوّلت في العصر الحديث إلى تعبير علماني لجمال الجسد وصحة الإنسان. وتطوّرت لتختصر لاحقاً أسس العصرنة التجارية والإعلامية والعلمية بعيداً من الأفكار الرومانسية للمبادئ القديمة للهواة، والتي شغلت (الباحث والمؤسس) البارون دو كوبرتان وأبناء جيله طويلاً.
وفي المراحل الممهدة للألعاب الحديثة الأولى، كان فيكيلاس يشعر أن حقبة تاريخية جديدة يعاد بناؤها، وستعود بالفائدة على بناء اليونان الحديث قد تمحي ما تناقلته وسائل الإعلام عن بلوغ البلاد حافة الإفلاس. لكن المشكلة المالية كانت بالمرصاد والألعاب غاية أساسية لاستعادة أمجاد التاريخ الغابر والحضارة العظيمة.
ورأى فيكيلاس المقيم في فرنسا أن الألعاب: ستبني شبكة علاقات جديدة بين باقي أوروبا وبيننا، وتصبح أثينا مكاناً للصداقة وبرهاناً أننا لا نزال حضاريين.
وصرح فيكيلاس بما يدور في خاطره بعد لقائه الملك جورج وولي العهد لطلب الدعم والتشجيع، فعلقت الصحف إن : الفرصة أصبحت مؤاتية للتعبير الميداني.
وتناولت أهمية الدور (في إعادة التقليد التاريخي) ثم انهمرت الدراسات والمواضيع والتحقيقات (عن الأمجاد الأولمبية في العصور الغابرة) و(إمكانية التصدي للأزمة الاقتصادية وتجاوزها. وها هو السباق اليوناني الأصيل ينطلق).
أدت هذه الحملة المركزة إلى اتساع الصدى في الدول الأوروبية الأخرى، وتعدى الحديث الفائدة الرياضية إلى فرصة الاستفادة من الألعاب لتأهيل الأماكن القديمة وتسليط الأضواء على النشاطات الفنية والثقافية الموازية، التي يجب أن ترافق المسابقات وإعادة تنظيم التصميم العمراني لأثينا، والفوائد الإضافية من النواحي السياحية والإنمائية والبيئية والاقتصادية كافة.

سبيريدون لويس وجوائزه

حدّد الموعد من 6 إلى 15 نيسان 1896 لإقامة الألعاب الأولمبية الحديثة الأولى، وشارك فيها 285 رياضياً من 13 دولة هي: النمسا، أوستراليا، بلغاريا، بريطانيا، هنغاريا، ألمانيا، اليونان، الدانمارك، الولايات المتحدة، فرنسا، تشيلي، السويد وسويسرا.

وتضمّنت المنافسات مسابقات المصارعة، الدراجات، الجمباز، ألعاب القوى، السباحة، الرماية، التنس، رفع الأثقال والسلاح.
وافتتحت الألعاب الأربعاء في 5 نيسان، وأعلن الملك جورج، مرتدياً زي أميرال الأسطول الحربي، الافتتاح في ملعب باناثينايكوس الذي بناه ليكورغو عام 350 ق.م. ورمّم بفضل مليون دراخما قدّمها الثري اليوناني وتاجر القطن يورغوس أفيروف المقيم في مصر. وكان كوبرتان يفكّر أن يرافق النزالات إلقاء مقاطع شعرية في رؤية توحيدية لطاقات الإنسان.
وحضر الافتتاح أكثر من 80 ألف متفرج، وهو رقم قياسي بقي صامداً حتى عقد الأربعينات من القرن العشرين. وكان أول الفائزين المتوجين الأميركي جيمس كونولي في الوثبة الثلاثية (13,71م).
انقضت معظم أيام الدورة من دون حصول أي لاعب يوناني على ميدالية ذهبية في ألعاب القوى، فأعلن بعض اليونانيين المتحمسين عن جوائز غريبة لأي مواطن يفوز بالسباق الوحيد الباقي وهو الماراثون أطول سباقات الجري (42,195 كلم) وكان أثمنها زواجه من ابنة التاجر أفيروف مع (مهر) حرزانة مقدارها مليون دراخما.
لكن الفائز سبيريدون لويس لم يستطع ذلك لأنه متزوج وأب لولدين. وقد أغدقت عليه العطايا من كل حدب وصوب، بعضها على مدى الحياة ومنها: برميل نبيذ كل أسبوع وكسوة كاملة من خياط يوناني وحلاقة ذقن وقص شعر من حلاق، ورغيف خبز كبير كل يوم، وقرية في الريف وقطعان من الماشية ومنازل وحلي وجواهر. غير أن أكثر اللمسات الإنسانية كانت هدية الصبي الصغير ماسح الأحذية الذي تبرّع بتلميع حذاء البطل يومياً.
وقدّرت تكاليف الألعاب بـ600 ألف دراخما وغالبية المتبارين دفعوا نفقات مشاركتهم.بين المشاركين: 21 ألمانياً و19 فرنسياً و14 أميركياً و8 إنكليز و180 يونانياً.
وتضمنت الرياضات التسع التي شملتها الألعاب 43 مسابقة واقتصرت على الألعاب الفردية.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا الرئيس الشرع وملك البحرين يؤكدان تعزيز التعاون الخارجية الأميركية: العلاقات مع سوريا تدخل مرحلة جديدة غروسي: نتطلع إلى تعزيز التعاون مع سوريا ونخطط لزيارتها مجدداً تعزيز التنسيق المشترك عربياً ودولياً في لقاء نقابي سوري سعودي  "المركزي" كوسيط مالي وتنظيمي بين الأسر والشركات  "وهذه هويتي".. "حسين الهرموش" أيقونة الانشقاق العسكري وبداية الكفاح    إصدار التعليمات التنفيذية لقرار تأجيل الامتحانات العامة   لبنان يعلن عن خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين على مراحل لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.. الحبتور يزور سوريا على رأس وفد رفيع قريبا  2050 حصة من الأضاحي لأهالي ريف دمشق الغربي "أطباء درعا" تقدم الأضاحي عن أرواح شهداء الثورة   التربية تشدد على التنسيق والتأمين الكامل لنجاح امتحانات2025 ضخ المياه إلى شارع بغداد بعد إصلاح الأعطال الطارئة أعطال كهربائية في الشيخ بدر.. وورش الطوارئ تباشر بالإصلاحات الجولات الرقابية في ريف دمشق مستمرة لا قضيّة ضد مجهول.. وعيونهم لا تنام الأدفنتست" تعلن بدء مشروع "تعزيز سبل العيش" في درعا "تاريخ كفر بطنا ".. خربوطلي : من أقبية الفروع الأمنية بدأت رحلتي  نيويورك تايمز: المقاتلون الأجانب بين تقدير الثورة ومخاوف الغرب