الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
مشهد إعدام عدد كبير من المخطوفين ودفنهم حيث هم بعد نقض الجماعات الإرهابية المسلحة الاتفاق المبرم مع الجيش العربي السوري، كان المشهد الأمضى والأقسى، ولكن مع إطلالة ساحة الأمويين في المشهد التالي بدا وكأن من قضوا في المجزرة قرابين افتدوا الناس والبلد، ولم يكونوا هم وحدهم وإنما كثيرة هي التضحيات التي قُدمت وكثيرة هي البطولات التي سطّرت، لنعبر إلى شاطئ الأمان وينعم أولادنا بحياة كريمة، نُكمل الطريق وفاءً للتضحيات ونتكاتف لإعمار ما هدمته الحرب إيماناً بأهمية البناء والعمل. بهذه الروح المُفعمة بالأمل والتي تحضر فيها التضحيات والبطولات التي قُدمت انتهت الحلقة الخامسة والعشرين من حكاية (شآم يا ذا السيف) ضمن سلسلة (لأنها بلادي) إخراج نجدة أنزور وتأليف محمود عبد الكريم وإنتاج وزارة الإعلام – المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي.
تناولت الحكاية عبر عشر حلقات الكثير من الأحداث التي جرت في الغوطة الشرقية انتهاء بتحريرها من الإرهابيين وطردهم منها، مسلطة الضوء على شخصيات كانت تعيش صراعها الداخلي بعد أن اختارت أن تكون ضد الدولة ومن ثم شعرت أنها أخطأت الخيار، أظهر العمل شباباً من المسلحين وجدوا أنفسهم مُجبرين على الوقوف في وجه الدولة لأن أهلهم ضمن المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون، ولكنهم في الساعة الحاسمة اصطفوا إلى جانب الجيش فكانوا عيونه ووقفوا معه قلباً وقالباً، وبالمقابل عرض العمل لهؤلاء الذين لا يروي ظمأهم إلا إراقة دم الأبرياء ووقفوا مع آخرين من جنسيات مختلفة الأمر الذي بدا واضحاً من خلال الحوار وعبر الأسماء الأجنبية لمسلحين قاموا بالخطف والقتل والقنص، وفضح العمل تداعيات كذبة الربيع العربي التي كان لها دورها في فترة من الفترات، وأن هناك من السوريين من اكتشف الكذبة فتراجع كي لا يكون شريكاً في تدمير الوطن، ومنهم من لم يستطع التراجع، وبعضهم من أصر على تعنته وبسببه سُفكت الدماء ودمر البشر والحجر.
الحيّز الأهم الذي تناولته الحكاية على صعيد الإرهابيين حلمهم مع مشغليهم الدخول إلى دمشق من خلال الغوطة الشرقية والسيطرة على ساحة العباسيين، واستهدافهم المتكرر لإدارة المركبات التي بقيت عصية وشوكة في حلوقهم وصمدت حتى النهاية، والأنفاق التي أجبروا المخطوفين على حفرها، وتم خلال هذه المحاور المرور على ما جرى في عدرا العمالية وإطلاق الإرهابيين لعشرات آلاف القذائف على العاصمة وسقوط آلاف الجرحى والشهداء، واستخدامهم للأسلحة الكيماوية، لنصل إلى نتيجة مفادها أنه رغم حجم الكذب الذي أطلقوه والإرهاب الذي مارسوه استطاع الجيش الصمود والانتصار وأن تكون الكلمة الفصل بيده، فهو صاحب العقيدة والإيمان ومن يذود عن الوطن والناس وقناعته خلال الحرب أن الأمان عائد لا محالة، لقد خاض المعركة ببسالة تحت الأرض وفوق الأرض وعلى التماس وخلف الخطوط في واحدة من أخطر وأشرس المواجهات في هذه الحرب.
ونتلمس من خلال الحوارات كيف جاءت الشعلة الأولى للحرب (المظاهرات كانت مدخلاً للحرب، ومن أشعلوها كانوا منذ زمن يعملون لذلك)، ويؤكد ذلك كلام الطبيبة التي تم اختطافها حيث أشارت إلى أن ما حدث ليس ثورة وإنما كابوس سبب الألم للناس، وبشكل عام عديدة هي العبارات التي حملت حقائق حول ما جرى، لتنتهي حكاية (شآم يا ذا السيف) بكثير من الأمل إيذاناً بالسير قدماً نحو الأمام لبناء المستقبل الواعد.