الثورة أون ﻻين – آنا عزيز الخضر:
مهما تنوعت أعمال المسرح السوري، أو كثرت أعماله، ومهما تشعبت أساليبه، ﻻ يمكنه الابتعاد عن الواقع المؤلم الذي أوجدته أيادي الإرهاب الغاشم، وﻻ الخروج عما عاشه الناس من ويﻻت الحرب الغادرة، التي عاش السوريون في خضمها، متمسكين بالإرادة التي تكرس الانتماء وحب الوطن.. حيث مذاق الذل والمهانة خارج حضنه وخارج حمايته، فالمأساة والقهر والجراح وكل بؤس وتشرد وحزن خارج أراضي الوطن.. هذا ما ركز عليه العرض المسرحي (اتوستراد الموت) تأليف (قاسم المطرود) إعداد وإخراج محمد تلاوي… حول العرض وتفاصيله وأسلوبه، التي التزمت بالواقع تحدث المخرج محمد تﻻوي قائﻻً:
المسرحية (أوتوتسراد الموت) قمت بإعداد النص الذي يتحدث عن شخصية, هجّرت مع أهلها من بلادها بسبب الحرب، وقد تركوا منازلهم عنوة، ليجمعوهم في مخيمات، قالوا إنها آمنة، إلا أنهم عانوا الويﻻت، وعاشوا ذلاً وقهراً واستغلالاً من القائمين على المخيم في أرض هي أقرب لمستنقع، لاتمت للحياة البشرية بأي صلة، تموت زوجة بطل العرض التي يحبها كي تزداد مأساته وقهره، فيبحث لها عن قبر في أرض، لا تشبه أرض الوطن، أرض تملؤها النفايات والصخور القاسية، ويحيط بها الموت من كل جانب، هو لا يستطيع إعادتها إلى بيتها، لأنهم حذروه من العودة، خيروه بين رأسه والعودة، فاختار رأسه، اختار أن يعيش مع زوجته على أمل العودة يوماً ما، ولكن بعد موت زوجته، يكتشف أن قراره خاطئ، ولا يوجد أرض مثل أرض الوطن، فيحاول العودة، ولكن القدر كان له حكاية على الطريق، وتزداد المآساة أنه حتى لم يصل إلى تراب الوطن، لكنه انتصر على الحياة الذليلة، انتصر على من حاولوا أن يستغلوه، ورمى في وجوههم كل ما قدموه من مساعدات، والتي لم تكن في الأصل مساعدات، بل كانت أدوات قهر وذل واستغلال وطمع وكراهية، لم ير مثلها حتى في أفلام الحرب.
استخدمنا الديكور والإضاءة بشكل واقعي، بعيداً عن الرمزية، فكان الممثل يعيش تفاصيل المآساة مع كل قطع الديكور، بحيث كان كل شيء متناغماً… من البيئة إلى الموسيقا إلى الإضاءة، بحيث تعبر عن حجم المأساة، ومن خلال إظهار مطر حقيقي وأصوات برق، ورعد وخوف وذعر ووحشة في أماكن لا يتوفر فيها الأمان.
كان العمل في افتتاح مهرجان المونودراما الأول بحماة وكم جميل أن يكون هناك مهرجان جمع كل تلك الإبداعات والتجارب، فهو فن جميل تعرف عليه الجمهور وأحبه، وها هو متابع جيد لكل العروض.