الثورة أون لاين – راغب العطيه:
أثبتت الحرب الإرهابية الشرسة التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من عشر سنوات بكل أشكالها، عسكرياً وسياسياً وإعلامياً ونفسياً وفكرياً، أن الشعب السوري انتصر في هذه المعركة وأفشل المشروع الإرهابي الأميركي في المنطقة قبل أن يكتمل، ليس لأن لديه جيشا قويا وقيادة حكيمة فحسب، بل لأنه يمتلك أيضاً إرثاً حضارياً واسعاً وتاريخاً سياسياً ناصعاً، قائما على ثوابت وطنية وقومية آمن بها السوريون كإيمانهم بالوجود والحياة.
لذلك كان تنوع المجتمع السوري ووحدته وتكاتفه في مواجهة هذه الهجمة الإرهابية التي قل مثيلها في التاريخ هو أول حوائط الصد التي أسهمت في تقوية الصمود السوري ككل، شعباً وجيشاً وقيادة، فكانت النتائج في الميدان تتجلى بالتضحيات الجسام التي قدمها شهداؤنا الأبرار بدمائهم وأرواحهم، وكذلك الجرحى الأبطال الذي لم يبخلوا في تقديم كل ما لديهم من أجل سيادة وطنهم واستقرار مجتمعهم.
ولأن استقرار المجتمع يعد من أولى المسلمات التي يؤمن بها السوريون فقد تناول هذا الموضوع وغيره من المسلمات السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم الدستوري، مؤكداً أن هذه المسلمات هي الدرع الذي حمانا من تأثير الحرب النفسية المعقدة التي تعرضنا لها خلال الحرب الإرهابية، وهي التي أسقطت كل الرهانات المعادية.
وفي ظل اتفاق السوريين- الذين وقفوا منذ اللحظة الأولى ضد المؤامرة الخارجية- على كل المسلمات وفي مقدمتها مسلمتهم الكبرى التي هي الوطن، كانت المواجهة بين الطرفين واضحة المعالم، بين طرف يدافع عن حقه في الحياة وعن سيادة واستقلال وطنه، وبين مأجور ومرتزق ينفذ أجندات خارجية استعمارية صهيونية تستهدف وحدة المجتمع والوطن خدمة للكيان الصهيوني.
كذلك فإن المعارك التي خاضها جيشنا العربي السوري ضد التنظيمات الإرهابية وخاصة داعش وجبهة النصرة في العديد من الجبهات هي تجسيد دقيق للإيمان الحقيقي في مسلمات المجتمع كلها دون نقصان، والتي آمن بها السوريون، ما دفعهم إلى إرسال أبنائهم إلى ساحات الوغى وهم لا يعلمون إن كانوا سيعودون أم لا، لكنهم في الوقت نفسه كانوا يعرفون حق المعرفة أن تضحيات أبنائهم الأبطال بدمائهم وأرواحهم ستعود عليهم وعلى الوطن بالأمن والأمان والحرية والكرامة والاستقرار.
فكانت انتصارات حماة الديار على التنظيمات الإرهابية وداعميها في كل الجبهات على امتداد الجغرافيا السورية تتعاظم وتتراكم مع الزمن بدعم صادق من حلفاء سورية وأصدقائها ممن وقف إلى جانبها بمحاربة الإرهاب بشكل حقيقي دون مواربة، ولم تقف هذه الإنجازات عند هذا الحد بل إنها ستستمر حتى تكتمل السيادة السورية على كامل التراب الوطني بعد أن يتم تطهير ما تبقى من الأرض السورية من الإرهابيين والانفصاليين ومن القوات الأجنبية الداعمة لهم من أميركية وتركية وغيرها.
وإلى جانب الانتصارات العسكرية في الميدان استطاع الشعب السوري أن يحول الانتخابات الرئاسية هذا العام كاستحقاق دستوري واجب التنفيذ تحت أي ظرف كان، إلى عمل سياسي وطني استراتيجي كبير يحمل في طياته رسائل كبرى ذات مدلولات عظيمة في الإجماع الوطني والتجانس الاجتماعي والتمسك بالسيادة والاستقلال والرفض المطلق لكل أنواع التدخل الخارجي، واليوم تدخل سورية مع خطاب القسم مرحلة جديدة في تاريخها تقوم على العمل والبناء والتحرير ومحاربة الفساد.
