افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
بالمُوافقة الأميركية، وتحت الحماية المُباشرة، وبالشراكة المُعلنة، تَجري حرب أخرى مُوازية لتلك التي تقودها الولايات المتحدة بأذرعها الإرهابية الداعشية وسواها من تنظيمات إخوانية وهابية، تتجلى بالاعتداءات الصهيونية – الأميركية المُتكررة، إذا كانت تتم تحت مَزاعم مُختلفة، فهي بالواقع والحقيقة ليست إلا مُحاولة إحياء للدواعش، وليست سوى محاولة إسناد لفرع تنظيم القاعدة ومُشتقاته التي تَرعاها واشنطن وتُوجهها.
الاعتداءاتُ الإسرائيلية التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية والتي استهدفت منطقتي السفيرة والقصير بريفي مدينتي حلب وحمص، لا يمكن قراءتها بمَعزل عن الحركة الأميركية العدوانية في البوكمال والتنف ومنطقة الحدود السورية – العراقية، كما لا يُمكن فَصلها عن ممارسات نظام أردوغان والميليشيات الانفصالية هناك التي تَحظى بالرعاية الأميركية المباشرة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد ثبتَ بالأدلة القاطعة أن تَكرارها بتوقيت وقوعها إنما يأتي في سياق تقديم الدعم والإسناد لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي المُنتشر في إدلب وريف حلب الغربي والجنوبي الغربي.
تقول واشنطن خلافَ ذلك، ويَسوق الصهاينة ادّعاءات أخرى، غير أنّها ستَبقى الاعتداءات الفاضحة التي لن تُغير الحقيقة البَيّنة، بل تُؤكدها إن لجهة فشل المخطط الصهيو أميركي، أم لناحية قُدرة سورية على التصدي لصواريخ العدوان وإسقاط مُعظمها، فضلاً عن الناجز باتجاه دَحر التنظيمات الإرهابية، وهو ما يُؤكد قوّة سورية الراسخة والمُتنامية وقُدرتها على جَبه العدوان مُتعدد الأشكال والمحاور والجبهات، ذلك على الرغم من قذارة حملات الاستهداف التي تُسخر المَنابر الدولية سياسياً وإعلامياً لخدمة أهداف منظومة العدوان وأكاذيبها، وذلك على الرغم من حَملات التشويه والحصار التي تستهدف الدولة والشعب، ولا تُوفر الحلفاء والأصدقاء.
الاعتداءاتُ الصهيونية الأخيرة، لفتَ البعض إلى أنها الأولى بعد تَسلم حكومة بينيت – ليبيد، في إشارة ربما لإظهار فَرق لا وجود له بين نتنياهو وبينيت – ليبيد، ولإعطاء إشارات عن مُتغيرات مُحتملة لا مَحل لها ولن تَقع بين إدارة جو بايدن وحكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية، ذلك أنّ السياسات الصهيو أميركية لا تتغير بتغير الوجوه “ديمقراطي وجمهوري، ليكود أو سواه” بل هي من الثابت الذي لا تَحولات فيه لطالما تَسابق الرؤساء في أميركا على إظهار مَقادير الدعم لإسرائيل ومُحاولة كسب ود اللوبي الصهيوني في واشنطن، ولطالما كان التطرف والإرهاب الحاكم في سباقات جنرالات الاحتلال وساسته إلى الكنيست والحكومة.
تحت الحماية الأميركية، وبالشراكة الكاملة بين الصهاينة والأميركيين تَجري الاعتداءات الإسرائيلية، بل يَعتقد الطرفان أنهما يَتكاملان مع بعضهما، وينبغي أن يتكاملا مع فصائل الإرهاب وتنظيماته الموجودة على امتداد الحدود السورية – العراقية وتلك المُنتشرة في محافظة إدلب. وما الاعتداءات التي تُنفذها ميليشيات قسد العميلة ونظام أردوغان إلا مُحاولة لفعل يَبحثُ عن وَهم التكامل الذي من شأنه أن يُغير الواقع ويُعيده إلى المُربعات الأولى التي لا عودة لها مع بطولات وتضحيات جيشنا الباسل وناجز ما حققهُ على الأرض، وفي الميدان الذي باتت مُعادلاته أصلب من أن تُكسر، وأقوى من أيّ مُحاولة تسعى لإجراء تَعديل في ميزانها.
لقد أشار السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم إلى أهمية المُقاومة، قُوتها، وجودها، وقُدرتها على ردع العدو، مُؤكداً أن هذا العدو لن يَنتصر علينا إلا عندما تَقتنع الغالبية أنّ المُقاومة كذبة كُبرى، وأنّ قُوتها وهم، وأنّ ردعها خَيال، وأنّ وجودها عبء. وهو ما لم ولن يَحصل، فعلى الرغم من كل ما جَرى علينا لم يَتخل الشعب السوري عن نهج المقاومة، امتلكَ إرادتها، تمسكَ بسيادته واستقلاله وحريته، ولم يَتزعزع إيمانه بوطنه وقضيته، وقد أسسَ خلال سنوات الحرب والعدوان لعظيم آت يُبنى بالعمل والإرادة والأمل، تَحريراً وازدهاراً وغنىً.
إنّ سورية الأبية العزيزة الشامخة أبداً، تَزداد قوّة ومَنعة بهذه الأثناء، لن تُثنيها الاعتداءات الصهيو أميركية المُتكررة عن مُواصلة دحر التنظيمات الإرهابية والمُحتلين عن ترابها الوطني وتحريره، وبمَزيد من الثقة والاقتدار ستُدافع عن أرضها والكرامة، وستُواصل عملية إعادة البناء والإعمار، سواء قام المُجتمع الدولي بواجبه – الذي تَخلى عنه – في إدانة دول العدوان ومُساءلة قادتها انسجاماً مع القانون والميثاق الدوليين أم لم يَفعل، وسواء تَحمل مسؤولياته التاريخية لجهة العمل على حفظ الأمن والاستقرار العالميين بتنفيذ قراراته المُلزمة بمُحاربة الإرهاب أم لم يَفعل.