لأسباب مختلفة ازدادت أهمية دور الجمعيات الخيرية خلال سنوات الأزمة إلى أضعاف ما كان عليه في السابق، لحاجة العائلات المهجرة؛ أو سدّ حالة العوز والحاجة التي زحفت إلى فئات مختلفة من المواطنين إما بسبب الإصابة أو التهجير وفقدان الأسرة و المعيل أو تردي الأحوال المعيشية وغيرها.
وأدت بعض الجمعيات دورها بفاعلية وجدارة بحيث تمكنت من انتشال آلاف الأشخاص والأسر من شبح البطالة والفقر، بل ساهمت في إعادة تأهيلهم ليكونوا عناصر منتجة ومشاركة في عملية التنمية نتيجة تضافر جهود القائمين على الجمعيات وعطاء المتبرعين إلى جانب الجهود الحكومية المنظمة والداعمة لهذا العمل، إلا أن بعض الجمعيات ورغم حالة العوز والحاجة تلك التي تعاني منها آلاف العائلات لا تتوانى عن وضع شروط تبدو غير منطقية لكثير من المواطنين الراغبين في التبرع والوقوف إلى جانب إخوانهم في محنتهم، ما ينجم عنه في نهاية الأمر إحجامهم عن المساهمة في تقديم المساعدات التي تعلن الجمعيات عن حاجتها بين الحين والآخر، عوضاً عن الشدّ على أيديهم واستثمار هذه الرغبة لديهم في مدّ يد العون لأبناء وطنهم أو التفاعل الإيجابي مع أهداف أخرى وضعتها الجمعيات.
فنجد إحدى الجمعيات على سبيل المثال اشترطت على المتبرعين دفع مبلغ من المال من أجل تأمين كسوة شتوية للأسر المسجلة لديها بدل قبول المساعدات العينية الفائضة لدى الأسر، وهو أمر قد يتعذر على كثير من المواطنين المساهمة به في حين لديهم القدرة على التبرع بالملابس الفائضة عن حاجتهم، فيما تطالب جمعية أخرى المتبرعين بـ(كي) الملابس قبل التبرع بها، و تشترط جمعية ثالثة جمع كمية من الورق تزن 25 كيلو غراماً من المنازل كحد أدنى للمشاركة في مشروع تدوير الورق الذي يرمي إلى حماية البيئة، ومن المعلوم أنه أمر لا يتوفر بسهولة لدى المواطنين في المنازل ما يحدو بهم إلى إلقائها في مطبات القمامة في نهاية المطاف.
هذا الأمر أثار التساؤلات حول أهداف بعض الجمعيات التي اتهمها بعض المواطنين بالسعي إلى تحقيق الأرباح على حساب العمل الخيري، فيما تساءل البعض عن شروط التسجيل في الجمعيات، وهل هي متاحة للمستحقين الذين هم تحت خط الفقر ولا يزالون يرسلون النداءات والرجاءات من أجل التكرم بقبولهم، أم أن العائلات المسجلة لديها على درجة من الرفاهية والترف بحيث لا تقبل المساعدات إلا بالشروط المذكورة؟!
حديث الناس -هنادة سمير