كما كل شيء يخص المواطن من مواد، بات الماء شحيحاً وقليلاً ويُخشى عليه من أي طارئ يؤدي إلى تراجع مخزونه المتاح للشرب..
وإن كانت كافة المواد ذات الصلة بالمواطن مسؤولية وزارات وجهات تنفيذية خالصة لا شائبة فيها، إلا أن المياه مسألة يشترك المواطن في مسؤوليتها مع الجهات التنفيذية لكونه صاحب قدرة على استجرارها وتحديد آلية استعمالها..
بشكل واضح وصريح ورغم الأزمة المائية التي نمر بها نتيجة شح الأمطار لدرجة قاربت العدم، إلا أن الشوارع تغص بمن يغسلون سياراتهم بمياه الشرب عبر الخراطيم ودون وجل أو خوف من مخالفة أو ضبط أو ما شابه، وفي ذلك تجسيد حقيقي لغياب العقوبة الرادعة إن لم يكن غياب المتابعة من وزارة الموارد المائية.
الغريب في الأمر أن حزام الأمان الذي يخص سائق السيارة وحده يستوجب المخالفة، والأكثر غرابة هو أن الإعلان عن تنزيلات لسلعة ما دون موافقة من وزارة التموين هو أمر يستوجب العقوبة المالية الضخمة وفي بعض الأحيان مترافقة بالإغلاق..
أما المياه التي لا يمكن تعويضها ولا يمكن الاعتماد على أحد في توريدها، وغيابها يمس المواطنين بشكل كامل غير منقوص كبيرهم وصغيرهم بل ويحدد مصائر حياتهم، فهي متاحة إسرافاً وهدراً ولعباً دون عقوبة بل ودون توجيه ولو كلمة عتب على من يهدرها..
كما تحديد الخبز بالأرغفة حفاظاً على عدم الهدر، يمكن تحديد عدد المغاسل المتاحة ضمن كل مدينة وإلزام أصحابها بقارئ إلكتروني يظهر عدد الأمتار المكعبة التي يستجرها المغسل من المياه والتي تكون غالباً من بئر يمتلكه صاحب المغسل، وهو أمر يمس الآخرين أيضاً لكون هذا البئر يستجر من حوض جوفي يكون على مساحة كبيرة ما يعني أن الاستجرار منه ينقص حصص الآخرين، ما يعني أن الملكية الفردية في هذه الحالة مشروطة ومقيدة بحقوق الآخرين في الشرب وتاليا الحياة..
ليست المسألة خطة أو مبادرة بل المسألة حاجة ملحة وعاجلة وليست خاضعة لسلطة تقديرية فهي مسألة حياة إن لم يكن لنا فلأبنائنا.. فلتكن العقوبة رادعة وموجعة حتى يحرّم من طُبِّقت عليه معاودة الكرّة وليكن حديثه عن وجع العقوبة خير سفير للآخرين بالامتناع عن القيام بها.
الكنز -مازن جلال خيربك