من حسن الطالع أن يؤدي أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام السيد الرئيس ويستمعون لتوجيهات سيادته بشأن مهمات المرحلة المقبلة، بالتزامن مع احتفاء الصحفيين بعيدهم الذي اختاروه قبل خمسة عشر عاماً تقديراً لموقف سيادته برعاية المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحافيين.
ولعل تخصيص سيادته قسماً هاماً وكبيراً من حديثه للحكومة للتأثير الإعلامي ودور الإعلام، بالتزامن مع التأكيد على دعم قطاعات الاستثمار وبدائل الطاقة والمضي في مكافحة الفساد، فكان الإعلام حاضراً ورافداً وحاملاً وناقلاً ومؤثراً في مختلف المجالات، يحمل المؤشر الواضح لما يراد من دور للإعلام في الأيام القادمة، فيحق لنا كصحفيين الافتخار بهذا الدور الذي يعني دعماً غير محدود لقطاع الإعلام شريطة أن يكون ذا فاعلية صادقة ومنتمية تظهر الواقع بإيجابياته وسلبياته وتقترح الحلول الموضوعية والعلمية وتبتعد عن النمطية والتقليد وصور التلميع ومتابعة الزيارات والاجتماعات، وإنما التركيز والاهتمام بالمحتوى والمضمون بالقضايا التي تهم المواطن وتبحث عن مصالحه وتقدم له الحقيقة بالكثير من الوضوح وبالسرعة المطلوبة.
والواقع أنه لا يكاد يخلو حديث أو توجيه للسيد الرئيس من تعريج على الإعلام ودوره في دفع العملية التنموية بداية ثم الدخول في دائرة الفعل السياسي والمجتمعي والتوعوي بعد العدوان الاستعماري الإرهابي على سورية وشعبها، فكان دور الإعلام يتضاعف ويكبر وفق التطورات والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المستجدة، فنجح حيناً وأخفق أو تراجع أحياناً، وظهرت مبادرات فردية متعددة تركت آثاراً كبيرة، لكنها لم تنجح في تحويلها إلى عمل مؤسساتي مستمر لا يتوقف على شخصية محددة.
الرؤية التي قدمها السيد الرئيس في حديثه المهم للحكومة الجديدة تظهر بجلاء معرفة كاملة بما قام به الإعلام وبما أخفق، وذلك عامل دعم لوزارة الإعلام بمؤسساتها كلها، وتوجيه لكل وزارات الدولة ومؤسساتها بتقديم كل الدعم والمساندة لقطاع الإعلام ليعيد ما انقطع من حبال الثقة ما بين المواطن والحكومة، وهو أمر يحتاج الكثير من الجهود التي تستند لمعرفة دقيقة بواقع الإعلام واحتياجاته وتستطيع وضع خطط تنفيذية خلاقة ومبدعة تعتمد الخبرات والإمكانيات والقدرات الكبيرة لدى الكثير من الإعلاميين الذين تم تجاهلهم وتجاهل إمكانياتهم ومقدراتهم وتم استبعادهم لمواقف شخصية بعيداً عن التقييم المهني والموضوعي.
وفي كل مؤسسات وزارة الإعلام ثمة خبرات ومعارف وكوادر قيادية فاعلة تعد بمثابة بنوك معلومات أو مكتبات حية أو مراكز بحوث ودراسات تقبع في الزوايا المهملة، وتحتاج من ينفض عنها الغبار فقط، ليظهر بهاء عطائها وإنتاجها.
وقد نكون أحوج ما نكون للاستفادة من كل المقدرات المتاحة داخل الجسد الإعلامي لأن المطلوب من الحكومة كلها الأخذ الفعلي بالاقتراحات والحلول المنشورة بوسائل الإعلام، وبذلك أضحى الإعلام شريكاً فاعلاً، تتحمل مؤسسات الدولة المختلفة مهمة إنجاح مهمته، وهنا مربط الفرس في مهمة ترتقي وطنياً لدرجة أكبر من مجرد المتابعة والتغطية والرصد للدخول في تحمل مسؤولية المشاركة الحقيقية في وضع الحلول، ووضعها أمام الحكومة لتنفيذها.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد