الثورة أون لاين:
بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان وفق سيناريو معد مسبقا من قبل السفارة الأميركية، ستصبح كابول مركزا لاحتضان وتدريب الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية وغيرها…، وهي جماعات تعلن عداءها للعديد من الأنظمة العربية وتحديدا تلك التي لا تدور في فلك القطب الأميركي بشكل كلي.
عودة طالبان إلى الحكم، سيكون استمرارا لاستراتيجية إدارة الديمقراطيين في الولايات المتحدة المتضمنة عودة المد الأصولي من جديد إلى المشهدين العربي والإسلامي، بعد أن كان قد خفت بفعل الهزائم المتتالية، التي تعرض لها تنظيما القاعدة وفروعه، وما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، في مصر، وسورية، وتونس على يد الجيوش الوطنية في هذه الدول.
سيتم استخدام أفغانستان، كقاعدة للتآمر ضد روسيا وإيران والصين، أقطاب التوازن في النظام الدولي،
ما يؤكد هذا الكلام هو ما يسمى باتفاقية إحلال السلام عام 2020 بين الولايات المتحدة وحركة طالبان التي لم تكن الحكومة الأفغانية طرفا فيها، وكان سقوطها بشكل مدو من ضمن السيناريو الأميركي المرسوم، حيث تضمن الاتفاق إطلاق سراح خمسة آلاف سجين من طالبان من سجون الحكومة، وهؤلاء عادوا ليقاتلوا الجيش النظامي مرة أخرى
كما أن سهولة سيطرة طالبان على مواقع الجيش الأفغاني يستحيل دون دعم استخباري أميركي وكذلك دعم لوجستي نظرا للمساحات الشاسعة التي استولت عليها الحركة دون مقاومة.
الولايات المتحدة ترى أن صعود الصين هو خطر استراتيجي لا يمكن مواجهته عسكريا، ولكن يمكن احتواؤه بتشتيت قدرات الصين في قضايا جانبية مثل خطر سيطرة طالبان على أفغانستان وتهديد مبادرة الحزام والطريق الصينية.
كما تواجه الولايات المتحدة تحد استراتيجي روسي لا بد من احتوائه وتحجيمه.
أما الخطر الإيراني فترى الولايات المتحدة أنه يهدد مصالحها في منطقة الخليج العربي إضافة لتهديده الوجودي لصنيعتها إسرائيل، ويبدو أنه من المناسب للولايات المتحدة زرع نظام حكم معاد لإيران وعلى حدودها مباشرة.
الأقليات العرقية، في أفغانستان من الطاجيك والأوزبك والأيغور، لها امتداداتها في إيران والصين وأوزبكستان وطاجكستان المجاورة، وهذه الأقليات لن تبقى دون أسباب للدفاع عن وجودها وبالتالي فإن تسليحها سيصبح مصدر اضطرابات لتلك الدول ولروسيا. كما أن الآلاف من إرهابيي داعش ينتمون لجمهوريات آسيا الوسطى، والتي تمتلك حدوداً مع أفغانستان.
وكما تحولت أفغانستان خلال الحرب الأفغانية – السوفيتية إلى نقطة استقطاب للجماعات المسماة بالجهادية، والتي جاءت من العديد من الدول العربية، ومنها انتشرت أفكار تلك الجماعات في العديد من الدول العربية، وسعت لتغيير ثقافة العديد من المجتمعات، كما دخلت في مواجهات مع أنظمة تلك الدول، فإن عودة طالبان من جديد، إلى حكم أفغانستان، سيحول البلاد من جديد إلى نقطة تجمع، للجماعات المتطرفة والإرهابية من العديد من الدول العربية، في عودة لحقبة السبعينيات، حيث تم استبدال الانتماء الديني وشعارات الإسلام السياسي بدلا من الانتماء القومي وشعارات مكافحة الرجعية، وهي سياسة أصابت القضايا العربية القومية في مقتل.
د. ذوالفقار علي عبود
خبير في قضايا الجيوبوليتيك والأمن القومي