الملحق الثقافي: وليد حسين*
ومزجت آهاتٍ تفيضُ على الثَّرى
وكـأنّ حـــزنَكَ في ابتهالِكَ أمطَرا
يــا كـلَّ زفراتِ الدمــوعِ تناســلتْ
وجعاً.. وكــان المدُّ ســـيلاً أحمرا
أنــا لا أقول: بأنّـــكَ الحاني ومــا
صوتي يــلازمُ منذ عطفِك مُعسرا
لكنّ زعقــاتِ الخـريفِ تبعثــرتْ
وأخــالُ وجهَك فـي الريــاحِ تَغيّرا
وركبتُ أشــتاتَ المهازلِ وانبــرى
زمنٌ يضيقُ.. وإن تخطّى مُبصرا
حتّام أدفـــعُ عــن عقيرةِ صـــوتِنا
النبويِّ ألســنةً ينـوءُ بها الـوَرى
وأعودُ منكفِئاً.. ولي سعةُ اصطبارٍ
إن تباطأ في المسيرةِ أو جـــرى
والآنَ لا ألوي.. ألســـت مغايرا؟..
أبغي اللحاقَ وأنتَ تُـربكُ مُوسِـرا
دمُنا تَقَاذفهُ الشّتاتُ فكيف ينجو…
مــن بـراثنِ جـاحدٍ كي نَبذرا ؟!!
يا أنتَ.. بعضُ الشكِّ يضمرُ بيننا
حجم البراءةِ عند يوسفَ.. فافترى
ولعــلَّ بابَــك … للــذينَ تشـــوّقوا
ســعياً إليـكّ … وكانَ بابُك حَيدرا
وبكلِّ حَســراتِ السُّجونِ تزاحمتْ
مــدنٌ وأخــرى تســتميلكَ للثَـرى
فمتى يُخالطني الدواءُ .. وأنتشـي
بالمغـــرياتِ وما أظنّــكَ مُبهــرا؟
ومتى تعيدُ لــيَ البشَــاشةَ .. إنني
ظَمِئٌ وحسبي قــد أبحتُك أنهـرا
هي لحظة الطوفانِ تعصرُ ناحــلاً
دونَ اكتـراثٍ كي تهـدّدَ أعصــرا
ويميلُ مُرتعشاً.. إذا جَــنَّ الهَـــوى
ويلوكُ من لحمِ اشــتهائِك مُجمِرا
ويشــيدُ من شـــوقٍ أقــانيم الهوى
ويعيدُ للغـــزواتِ دَربــاً أُضمـــرا
حتَّى تــورّثَ إن تقلقــلَ ممســـكٌ
وأتاحَ لي شــغفاً يُــراودُ مُثمـــرا
ويذوبُ في كفٍّ إذا أحصى الدُّجَى
ضــربات قــلبٍ مُتـــرعٍ قـــد كبّرا
ويجيشُ من جمرِ ارتعاشٍ.. ينزوي
قلقاً إذِ ارتحلَ المجـــرّةَ والكَــــرى
يـــزدادُ عمـقاً… كــلّما روّضــــتهُ
وفتحتَ نــافذةً تطلُّ على الــذُرَى
جاءتْ لتسكبَ من رحيقِ أنوثةٍ
وشفيفِ سترٍ يستحلُّ ليَ العَرَى
هيفــاءُ إذ مــرَّ النســيمُ بســـاحِها
ألفيتَ مــرتعــشاً ووجــهاً مُقـمـــرا
ونبيــذ ثغـــرٍ لــو تكلّف راغــبٌ
لثماً فأوشكَ .. قد أخالك مُسكِرا
وتميطُ عــن تــلك المخانقِ حبلَها
كي تســتعيدَ قــوامَــها إن حَــرّرا
وتفوحُ منها كلَّ أدعيةِ الــرِضى
حتى تدّاعـى قلبُها .. لن يَهجرا
بيضـاءُ هيّجها حِـــراكُ أصابعٍ
لما استبانَ الوعرُ دونـكّ مُنذرا
ما كان يسبقُ وصلَها.. لي خطّةٌ
بــانتْ بــوارقُها لكيلا تَقصِرا
تحتالُ أوعيةُ الحــوارِ وترتقي
ســـبلاً لتنهلَ من معينِك أسـطُرا
فـي عمــقِ أوديـةِ الخيالِ محطّةٌ
تســتلهم الإحســاسَ حتى انبرى
كم دافعٍ أمضى ملامحَ رعشةٍ
بين الحقولِ وكان قلبُك أخضَرا
ولأنّ ســاعاتِ النهارِ تزاحمتْ
شـغفاً.. وبندولُ المحبّةِ قد جرى
شاعر عراقي
التاريخ: الثلاثاء 17- 8- 2020
رقم العدد: 1059