الثورة أون لاين-بقلم أمين التحرير- ناصر منذر:
الإرهاب الاقتصادي يأخذ اليوم الحيز الأكبر ضمن إستراتيجية منظومة العدوان، ولا شك أن العجز السياسي الأميركي والأوروبي هو ما يدفع الدول الغربية للاستمرار في المتاجرة بمحنة الشعب السوري عبر تسييس كل جوانب العمل الإنساني، لتحقيق أهداف سياسية عجزت تلك الدول عن تحقيقها عبر العدوان المباشر ودعم الإرهاب واحتلال أجزاء من الأرض، ونلاحظ في كل جلسة يعقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع في سورية، كيف ينبري مدعو الإنسانية في الغرب لتشويه الحقائق وتزويرها عند مقاربتهم للوضع الإنساني، ويتجاهلون ذكر السبب الأساسي في معاناة السوريين وهو الإجراءات القسرية الأحادية الظالمة والجائرة، إلى جانب مواصلة تلك الدول دعم الإرهاب في سورية.
من المفارقات الهزلية، أن أميركا وأتباعها الأوروبيين لطالما ادعوا أن الهدف من وراء عقوباتهم الظالمة هو مصلحة المواطن السوري، فهل تلك العقوبات والحصار الجائر، وقطع الغذاء والدواء عن السوريين وحرمانهم أبسط حقوقهم المعيشية تخدم تلك المصلحة؟، أليس المتضرر الأول والأخير من تلك العقوبات مهما كان شكلها ونوعها هو المواطن الذي يجهد لتأمين لقمة العيش في ظل هذا الحصار الظالم؟، كما أن “قيصر” العدواني ألا يمثل جريمة إبادة جماعية باعتباره يزيد من معاناة الشعب السوري؟، وهو خرق لكل القوانين الإنسانية والأخلاقية، إذا فالهدف ليس مصلحة المواطن، وإنما تشديد الحصار لتجويع الشعب السوري بهدف ترهيبه وابتزازه بلقمة عيشه، لدفعه إلى التخلي عن ثوابته الوطنية، وثنيه عن الالتفاف حول قيادته السياسية، وجيشه الباسل، ومحاولة دفعه أيضاً للهجرة لإفراغ الدولة السورية من كفاءاتها العلمية، لاستبعاد هذه الكفاءات من عملية إعادة الإعمار.
من خلال مجريات الحرب الإرهابية المتواصلة، نلاحظ كيف أن قائمة العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأميركية كانت تزداد طرداً مع شدة الإفلاس السياسي، الذي يواجه أقطاب منظومة العدوان في النيل من صمود سورية أو الضغط عليها لتحقيق أجنداتها السياسية، كما ترتفع تلك العقوبات كلما تقهقر الإرهابيون في الميدان، وكلما سجل الجيش العربي السوري انتصارات جديدة، وكلما حشرت أميركا وأدواتها الغربية في زاوية الفشل، وبعد كل ذلك تحمل حكومات الغرب الاستعماري الدولة السورية مسؤولية تردي الوضع الإنساني!، فكيف لأي عاقل، وذي بصيرة، أن يتقبل كذبة القلق الأميركي والأوروبي على الوضع المعيشي للمواطن السوري، وقوات الاحتلال الأميركي تسرق نفطه وقمحه، وتحرق محاصيله الزراعية، فيما قوات الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيون، إضافة لميليشيات “قسد” العميلة تستخدم المياه سلاحاً ضد المدنيين، ألا يفاقم كل ذلك معاناة السوريين؟.
واضح أن الدول الغربية لن تكف عن سياستها العدائية والتوقف عن تسييس الشأن الإنساني، وهذا الانحدار السياسي والأخلاقي الذي وصل إليه المسؤولون الأميركيون والأوروبيون سيدفعهم لإبقاء العقوبات الجائرة سيفاً مسلطاً يزيد من معاناة السوريين لرفضهم تقديم أي تنازلات، والهدف من استمرار العقوبات هو منع سورية من الاستثمار في انتصاراتها المنجزة، ومنع حلفائها من المشاركة بعملية إعادة الإعمار التي استبعدت منها كل دولة شاركت وساهمت بالحرب الإرهابية، فمتى سيعترف الغرب أنه السبب الرئيسي في معاناة السوريين؟، فيكفي أن تنهي الولايات المتحدة إلى جانب النظام التركي احتلالهما لأجزاء من الأرض السورية، وأن ترفع واشنطن وأدواتها الأوروبية إجراءاتها القسرية، وتتوقف عن دعم الإرهاب، حتى يتحسن الوضع الإنساني في سورية.