لم يشأ هذا الصيف أن ينقضي دون مصيبة تقع على رأس الساحل السوري الذي ما انفك يعاني الأمرّين جراء نكبات متتالية لا يعرف المرء عنها إلا وقوعها دون معرفة أسبابها أو النتائج النهائية لأضرارها.
ثالثة الأثافي للساحل السوري كانت منذ يومين اثنين، حين خرج الفيول الأسود من خزاناته في نزهة منطلقها بانياس وصولا إلى شاطئ جبلة وما بعدها، في حين كانت البداية مع غياب مياه الشرب والري ليقتل العطش الشجر ويرهق البشر، ومن ثم جاءت الحرائق لتكمّل ما بدأه العطش بالتهام جبال بأكملها دون وجود سدّة مائية من ذات المليون ليتر لإطفاء حريق هنا أو هناك.
قد يكون ما يقع مزيج من الإهمال والقدر، وهو أمر لا يمكن التعامل معه قبل وقوعه وفقاً للمثل القائل “لا يمكن لك انتظار من ينتظرك” ولكن كان من المفروض التعامل مع ما بعد الكارثة، فحتى الآن لم يتعامل أحد مع البقعة “الفيولية” الممتدة على طول كيلومترات قيل إنها تجاوزت السبعة عشر، ولم يُطل علينا ولو معني واحد ليقول لنا حقيقة ما حدث، والأهم من كل ذلك لم يقل لنا أحد ماذا هم فاعلون تجاه شاطئ بأكمله على امتداد كيلومترات باتت السباحة والحياة البحرية فيه لاغية تماماً..
هو شاطئ وحيد في سورية وليس بالشاطئ الطويل ورغم ذلك تبدو خطط الطوارئ تجاهه غائبة تماماً، في وقت كانت هذه الخطط ضرورة قصوى لوجود خزانات نفطية ومصب نفطي وسواها من المنشأت النفطية على هذا الساحل، ناهيك عن القناعة بعدم وجودها أصلا في ظل تمدد بقعة الفيول ووصولها إلى مدن ساحلية أخرى دون أدنى تحرك من أي جهة والاكتفاء بالنظر إليها..!!
الظروف تغيرت ولم يعد المواطن يقتنع بتصريح مقتضب غابت فيه الحقيقة أم التفاصيل عن كارثة وقعت، ولعل خير مثال على واقع الحال هو بقعة الفيول المتمددة نفسها، فكما تتمدد هذه البقعة وتتطاول على طول الساحل في اللاذقية، كذلك حال المواطن الذي تتمدد يوماًَ بعد يوم قناعته بعدم قبول آلية التعاطي مع ما يجري من أمور تمسه في صميم حياته ومستقبله ومستقبل أولاده..
وإلى حين غرس بديل لربع (فقط الربع) ما احترق من غابات وأحراش وأشجار في اللاذقية، ننتظر تنظيف الشاطئ مما لوثه وقضى عليه من فيول.. والله أعلم بما جرى..!!.
الكنز- مازن جلال خيربك