شهد القرن الماضي،غير الحربين العالميتين الأولى والثانية – وهما حربان استعماريتان بقدر ما تمثلت فيهما مصالح الدول الاستعمارية الكبرى – عديد الحروب الأخرى .. يمكن جمعها تحت عنوان .. حروب التحرر الوطني والاجتماعي .. الأولى هي الحروب التي شنتها الشعوب على الاستعمار وقادتها حركات استقلالية عملت للخلاص من الاستعمار وإقامة الدولة الوطنية المستقلة .. والثانية حروب نشدت العدالة الاجتماعية.. غالباً رسمت الاشتراكية طريقاً لها.. أشهرها على الإطلاق، الثورة البلشفية في روسيا ومجموعة الدول التي شكلت فيما بعد الاتحاد السوفييتي.. هذا إضافة إلى الصراعات الإقليمية التي كثيراً ما شهدت حروباً ضروس مثل الحروب التي شهدها الصراع الهندي الباكستاني..
لا شك أن ثمة تشابكاً وصل أحياناً إلى درجة الترابط بين هذه الحروب والصراعات ..التي أثرت على خطوطها ومحاورها المتنوعة في خريطة تشكل عالمنا المعاصر سياسياً واقتصادياً..
هذا التشابك والترابط أدى إلى زلزال عالمي أصاب الجميع مع انهيار الاتحاد السوفييتي ومعه المعسكر الاشتراكي .. ولعل أكثر من تأثر فيه هو حركات التحرر الوطني في حالتيها النضالية باتجاه الاستقلال الوطني .. والتأسيسية للدولة الوطنية ..
وقد اختلفت درجة التأثير بين حالة وأخرى .. لكنها تطورت سوءاً .. إلى درجة أنها تكاد تمحي مشاعر وبنى الاستقلال المختلفة .. ووصل الأمر إلى درجة أن بعض دول الاستقلال الوطني تكاد اليوم تصرخ بأعلى صوتها أن: عد يا استعمار ..!! وتتنافس بين بعضها على استقطابه وجذبه بمضامينه وتوجهاته المختلفة..
حتى مجاميع متعددة من الشعوب كثيراً ما يعتريها الشعور بأن خلاصها في إقامة علاقات تصل درجة الاستعمار مع الدول الكبرى .. الغربية منها تحديداً .. فإن لم تكن هي بعينها جاءت ممثلة بالشركات متعددة الجنسيات أو العابرة للقارات ..
تراجعت كثيراً همة الشعوب في مقارعة الاستعمار .. الذي خرق إليها كل الجدران التي لم تبنَ أصلاً !! فقد كان الفشل كبيراً في إقامة الدولة الوطنية المستقلة فعلاً..
وتعاني حركات التحرر الوطني وكذا حركات النضال الاجتماعي من أجل البناء الوطني .. إحراجاً كبيراً يدفعها ليس فقط للعودة لمصافحة ومصادقة المستعمر .. بل للالتجاء له لتلبية حاجات أمنية وتنموية..
حتى حركة التحرر الوطني الفلسطيني .. وهي من أعرق وأقوى وأهم هذه الحركات .. أخذت تمد يد العون والاستعانة .. للعدو الصهيوني..
بعد زيارة بيني غاينتس وزير الحرب الصهيوني لرام الله ولقائه رئيس السلطة الفلسطينية .. وما زالت سيف القدس مشرعة .. أعلنت إسرائيل أنها ستقرض السلطة الفلسطينية 145مليون دولار..؟؟!!
هل يدخل ذلك في أعمال التحرر الوطني …
معا على الطريق – أسعد عبود