الثورة أون لاين – علم عبداللطيف:
كتب أحد أصدقائي منذ عدة أيام أنه أضاع ما كتبه في صفحته على الفيسبوك .. وهي حالة مربكة إذا عرفنا أن صفحة كل منا صارت مدونة شخصية وعامة أي مجموع كتاباته في سنوات..
وحقيقة في الحالة غير المفهومة وغير المستقرة للشبكة العنكبوتية يتبادر إلى الذهن أن صفحتنا في الفيس هي كتاب نضيف إليه كل يوم بشكل عادي وآمن أو هكذا نخالها..
يقولون: هو عالم افتراضي لتبرير كل مفاجأة بهذا الخصوص..
لا يمكن الركون كثيراً لهذه الفكرة فكم من علاقات حقيقية أوجدها ونماها الفيسبوك. وترتب عليها ما هو واقعي وحقيقي.. إنما..!
في بلد كالذي نعيشه يبدو أن كل شيء افتراضي.. حتى الهوية والجنسية٠٠ والحب٠٠ والوطن.. والناس.. والتاريخ.. والحياة..
نعم.. الافتراض هو مصادرة على الاعتراف أو اعتبار الواقع.. هو تحفظ عليه..
لنفكر للحظة فقط.. إن كتابنا الفيسبوكي هذا.. لسبب لايعلمه إلا أولوا العلم.. ..أو حقيقة يعلمه كل منا.. امّحى .. بكبسة زر.. سياسية أو تقنية.. أو بخطأ.. مقصود أو غير مقصود..
أكيد يمكن أن يحدث ذلك.. وأكيد أنها كارثة باعتبار الزمن والوقت الذي استغرقته كتاباتنا في الفيس هي بعضٌ مهم من العمر والعقل. .
ذلك يمكن أن يحدث بكل سهولة ودون أن يرف جفن لمن يدعس على كابل الانترنت في مكان ما من هذا العالم.. لا نعرفه بالتأكيد..
رحم الله ممدوح عدوان..
في أوائل سبعينات القرن الماضي.. تخيّلَ..ولم تكن الثورة الرقمية قد ظهرت وتطورت وامتدت كما الآن إن ّ ومضة طاقة كهرطيسية اثيرية.إلى ما هنالك من احتمالات ومسميات.. يمكن أن تمحو كل كتابات المصنفات والأضابير والأوراق السرية والعلنية في العالم.. في مخازن الكتب أو ملفات دوائر البحث.. أو الاستخبارات أو مراكز صنع القرار في العالم..
لم يكن تصور ممدوح هذا ينبع من ترف التفكير .. بل كان يقصد فعلا القول بهشاشة العالم المتحكم بنا وبالعالم.. وإن الحضارة كلها التي بنتها التكنولوجيا المتطورة والتجارية منها تحديداً.. ليست أبدية وليست بالقوة التي نتصورها.. وإن جبروت العالم الرأسمالي يحمل في بنيته احتمال موته .. فجأةً أو بهدوء..وأن مزايا الشبكة العنكبوتية العديدة..تحمل ضريبة خطرة هي افقادنا جهودنا و إبداعنا وذكرياتنا..وبقدر ماتقدمه هذه الشبكة من خدمات ومزايا وسرعة في الاتصال..وفضاء مفتوح يحمل طابع الديمقراطية والحرية في الكتابة والتعبير عن الرأي.. فإن عدم استطاعتنا الإمساك بموادها ينسف بشكل كامل كل مزاياها..فنحن لا نستطيع الادعاء بامتلاكنا لما قدمنا وكتبناه..بل هو منوط بجهة خفية لا نراها.. ولا تسألنا رأينا..وتتصرف بعدوانية المعتدي دون أن يرف لها جفن..كأنها تقول لنا هذا ليس ملككم هو ملكي..
ممدوح العبقري تصور هذا قبل أن يعرف أن كتاباً الكترونياً كتبه واستأمن الشبكة العنكبوتية عليه… يمكن بسهولة- ودون تعب في تصور الأسباب والاحتمالات- أن يمحى بلحظة وقبل أن يرتد إلينا طرفنا..وحقيقة حدث هذا كثيرا..
في بعض السرديات أو الشروحات قالوا: بلقيس كانت بالفعل في باب سليمان عندما قالوا له نأتيك بها قبل أن يرتد إليك طرفك.. !
فهل المتحكم بكابل الفيس بوك هو في بابنا دون أن ندري.