الثورة أون لاين – مها الداهوك:
رغم تربعها على عرش أكبر اقتصادات العالم، تعاني الولايات المتحدة الأميركية أزمة اقتصادية خانقة بسبب الضغوط المعيشية التي فرضتها أزمة انتشار كورونا، حيث وجهت الجائحة ضربة قوية لاقتصادات العديد من الدول المتقدمة، والتي تشهد أسوأ ركود اقتصادي لها في التاريخ الحديث وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية .
أميركا “الدولة العظمى” التي تدعي حرصها الدائم على حماية حقوق الإنسان حول العالم تمارس أشد أنواع الضغوط الحياتية والمعيشية على نسبة كبيرة من مواطنيها العاطلين عن العمل نتيجة انتشار الجائحة، وبسبب تخبطها الواضح في التعاطي مع جائحة كورونا، وانتهاجها سياسة خارجة عن كل المعايير الإنسانية، تقف حكومتها عاجزة أمام تأمين أبسط أولويات الحياة لسكانها الذين فقدوا وظائفهم بسبب قيود كوفيد 19 الأخيرة.
واعتباراً من اليوم سيصبح قرار وقف المعونات ساري المفعول، الأمر الذي سيكثّف بلا شك الضغط على العاطلين عن العمل وأصحاب الأعمال الحرة، وسيكون (حدثاً غير محبّذ في الاقتصاد بحسب أندرو ستيتنر من مركز أبحاث “ذي سينتوري فاونديشن” (مؤسسة القرن) الذي يتوقع بأن يكون 7,5 ملايين شخص يعتمدون على هذه البرامج عند انقضاء مهلتها أمام أزمة قل نظيرها في البلاد).
ومع إيقاف المعونات الحكومية المقدمة، تلوح في الأفق ملامح أزمة داخلية كبيرة سيتوجب على الحكومة الأميركية مواجهتها بكافة الطرق، حيث يتعين على ملايين الأميركيين العاطلين عن العمل اتّخاذ قرارات صعبة بشأن كيفية تدبّر أمورهم في ظل اقتصاد مهدد بالانهيار بالتزامن مع انتشار المتحور دلتا وتداعياته، والتي في ظلها قد يجد كثير من السكان أنفسهم أمام خيار إما خفض إنفاقهم على الطعام أو اللجوء إلى مدخرات التقاعد أو الانقطاع عن العمل تماماً.
وفي حين تزعم الإدارات الأميركية المتعاقبة في حملاتها الانتخابية أن أولوياتها تأمين الضمان الصحي والاجتماعي للسكان وأهمية الحفاظ على حقوق المواطن، إلا أن الأمر يكون مختلفاً على أرض الواقع، فلا شيء من تلك الوعود الانتخابية يتحقق، لأن الأولوية الثابتة لتلك الإدارات هي حماية الشركات الرأسمالية على حساب حياة المواطنين وأمنهم الصحي، حيث أجبر سوء التعامل مع أزمة كورونا ملايين السكان ومنهم العاطلين عن العمل لبيع مدخراتهم الخاصة في سبيل تلبية متطلبات حياتهم اليومية من طعام وشراب وعلاج،
كذلك يعاني نحو عشرة ملايين مواطن أميركي من خطر الطرد من منازلهم بعد انتهاء مهلة حظر الإخلاء المقرر بحق المتخلفين عن دفع إيجارات منازلهم بسبب الظروف الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا في البلاد والتي على إثرها قد يصبحون حتى بلا مأوى.
الأزمات الداخلية المتولدة بفعل سوء الإدارة، وعدم إيلاء مصلحة المواطن الأميركي أي اعتبار، تضع الولايات المتحدة بموضع العاجز، وهي التي تنصب نفسها على رأس قائمة الدول “الديمقراطية” التي تدافع عن شعوبها و تسعى لتأمين الحياة اللائقة لهم.