الثورة أون لاين _ فاتن أحمد دعبول:
عندما يغادرنا الكبار نشعر بالمكانة التي كانوا يشغلونها عملاً ونتاجاً وجهداً مثمراً، فكيف إذا كان الراحل عنا بهذا القدر من العلم والمكانة الرفيعة، فقد حمل هموم لغته في قلبه وروحه وأوسعها بحثاً ودراسة وعناية، حتى آخر رمق من نبضات قلبه.
وفي حفل تأبينه توقف د. مروان محاسني رئيس مجمع اللغة العربية عند أهم مساهماته وسعيه الدؤوب لإيصال اللغة العربية إلى ما أصبح ضرورة ملحة، وهو تمكينها من استيعاب منتجات الحداثة الفكرية والعلمية والتقنية.
كما توجه إلى التعريب بشكل خاص وله في ذلك كتاب في منهجية تعريب الألفاظ وكتاب في التعريب والتنمية اللغوية وكتاب في قضايا لغوية معاصرة، وبعد انتخابه عضواً في مجمع اللغة العربية انضم إلى لجنة تمكين اللغة ومن ثم أصبح مقرراً لتلك اللجنة، إضافة إلى انضمامه إلى لجنة ألفاظ الحضارة التي تتولى توفير المقابلات العربية لما يغزو اللغة الدارجة محتفظاً بعجمته.
ويسجل له طرحه في يوم اللغة العربية في العام 2019 مشروع معجم للكلمات الأجنبية الشائعة في اللغة العربية المعاصرة يتناول ما يزيد على ألف كلمة، يجب إيجاد مقابلات عربية لها، لأن بقاءها على عجمتها هو ازدراء للغة العربية وحط من مكانتها، وكأنها لا تصلح للحياة المعاصرة، وهو تزهيد أبناء اللغة من إمكان إعادة جعلها لغة كونية.
وبين د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب أن غياب د.ممدوح شكل خسارة لا تعوض، فقد كان يصل الليل بالنهار مكباً على وضع مؤلفات تجلو محاسن العربية، وآثاره الطيبة التي تركها جديرة بأن تلهج بذكرها ألسنة عشاق الضاد، فهم يعرفون صولاته وجولاته في علم اللغة وآفاقها، وانصرافه المستمر إلى مسألة التعريب، وهو مجال علينا السعي في مضماره دون كلل أو ملل، إذا أردنا لأمتنا أن تظل مواكبة لمسيرة الحضارة الإنسانية، قادرة على إثبات ذاتها في خضم الثقافات العالمية.
وفي كلمة أصدقاء الفقيد توقف المستشار أحمد فرواتي عند سيرة الراحل العطرة وأثره في خصاله وعلاقاته وقال: ستظل في القلب تلك الحسرة والغصة التي لن تعالجها الأيام، وستظل الذكريات الجميلة شمعة تضيء الحياة التي آلمتنا بوجع فراقك.
وفي كلمتها نثرت أريج ممدوح خسارة كلماتها معتقة بالحزن والامتنان في الآن نفسه، لما قدمه والدها لها ولعائلتها من الرعاية والاهتمام والحب الكبير، فكان خير قدوة ومثال، عشق العربية فكان ابنها البار وحارسها الأمين والساعي إلى تطويرها والمؤمن بحيويتها وقدرتها على الانسجام مع العلوم والتقانة.
وباسم طلابه توجه خضر مجر بالشكر والعرفان للفقيد الذي كان دائماً السند والمعين في رحلة بحثهم المعرفية، يغدق عليهم من فيض معرفته وحكمته ما يسهل لهم الطريق في البحث والتطور، وترك لهم ما يغني مكتبتهم العربية في علوم وضع المصطلحات والتعريب من خلال أعماله المطبوعة وأبحاثه الغنية..