البارحة كانت زخة المطر الأولى لهذا العام في الساحل وفي سورية عموماً، ما يبشر بموسم مطري يأمل الجميع بكرمه حتى تتمكن السدود وأحواض المياه الجوفية من ترميم النقص الحاصل لديها في المخازين نتيجة جفاف الشتاء الفائت.
وبالرغم من الدعاء الحار الذي يرافق مطلع كل شتاء في اللاذقية طلباً لمطر وفير مستمر، إلا أن الغصة ترافق كل هطلة مطرية محترمة، حال مشاهدة الكميات الضخمة من المياه التي تجد طريقها إلى البحر، ففي الوقت الذي تعاني فيه اللاذقية الأمرّين عطشاً في الصيف، تجد مياه يصل مجموعها للملايين من الأمتار المكعبة طريقها إلى البحر دون فائدة منها سوى رفد البحر بالمياه الحلوة..!!!
غريب أمر السدّات المائية الغائبة عن الساحل السوري وتحديداً اللاذقية، فهي مطلب للسكان لما تشكله من حل منطقي للمياه المهدورة كل شتاء، بحيث تُحفظ هذه المياه لاستعمالات متعددة بدءا من الري القطاعي ضمن منطقة وجودها، إلى المساهمة في إطفاء الحرائق التي باتت فجأة رفيق صيفنا وربيعنا، بعد أن كانت غير موجودة طوال عقود..
أما الأهم في وجود السدّات المائية التي تُعرف بحجم تخزين محدد لا يتجاوز مليون ليتر، فهو الدور المركزي والمحوري في تولي أمر الغراس والشتول التي زُعِمَ أنها ستجد طريقها إلى التربة تالياً للحرائق الشيطانية التي طالت غابات وأراض وحراج الساحل، فتكون هذه السدّات المائية مخزوناً مائياً كافياً لري مباشر أو تأمين الرطوبة اللازمة للتربة المحيطة بها والتي تصلح -وفق ما يعرف أي من المزارعين- لغرس الأشجار مجدداً علّ أبناءنا يشاهدون ما شاهدناه من غابات وحراج..
من السهل تحديد أماكن تجمع مياه الأمطار الفائضة والمضائق الصخرية والتقعّرات الترابية التي تمر بها، ما يعني أن تقسيم ريف اللاذقية إلى قطاعات مطرية وإجراء دراسة واحدة لكل منها، كفيل بتحديد المواقع النموذجية للسدات المائية المنتظرة بتكلفتها القليلة وفائدتها عظيمة الشأن، حتى لا يفوت وقت الفائدة منها وتغدو أمنية قديمة تكسو ذكراها حسرة الندم..!!
هي فكرة بسيطة.. قديمة لدى الدول.. متجددة ناصعة مشرقة عند الحاجة لها، ولتأكيد بساطة الفكرة وقلّة عبئها يمكن القول إنها أقل تكلفة من الفكرة القائلة بوضع مستوعبات مطاطية على شكل بالون في مياه البحر وتكون مواسير بلاستيكية صلبة متصلة بها من أماكن تجمع المياه في الجبال الساحلية، بحيث يتم ختمها واستبدالها بأخرى جديدة لملئها بالسعة المحددة تماماً بكمية مليون ليتر..!!!
الساحل يحتاج هذا المشروع البسيط غير المكلف.. فلتنقذوه بتنفيذه..
الكنز – مازن جلال خيربك