الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” ينس ستولتنبرغ إن “ترسانة الصين النووية تتوسع بسرعة وكل هذا يحدث دون أي قيود وبافتقار تام للشفافية” وكرر العبارة المبتذلة التي دعت إليها واشنطن: “نحتاج أيضاً إلى إشراك المزيد من الدول في الحد من التسلح في المستقبل، ولاسيما الصين”.
وكما هو معروف للجميع، فإن كلمات الأمين العام للناتو تشبه في الأساس بل هي تكرار واضح لتصريحات واشنطن، فقد أدلى ستولتنبرغ بهذه الملاحظات كما لو كان يقرأ نصاً كتبته واشنطن. في هذا الصدد، يظهر صوت الناتو مرة أخرى أن “التعددية” التي تروج لها الولايات المتحدة ليست سوى أداء لحلفائها تتلاعب به واشنطن.
سياسة الصين النووية تفتقر إلى الشفافية، تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها استخدام مثل هذه الاتهامات لإرباك وتضليل الرأي العام العالمي فقط!.
لم تعلن الصين عن عدد رؤوسها الحربية وقاذفاتها النووية، لكن الجميع في العالم يعرفون أنه أقل بكثير من عدد الأسلحة النووية في الولايات المتحدة، فهي ليست بنفس الترتيب من حيث الحجم على الإطلاق، وبمثل هذا المستوى من الأسلحة النووية، إذا بادرت الصين بشن هجمات نووية ضد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فسيكون ذلك بمثابة انتحار استراتيجي. أليست الشفافية واضحة هنا؟.
كما أن الصين هي القوة النووية الرئيسية الوحيدة التي وعدت علناً “بعدم الاستخدام الأول” للأسلحة النووية، وعدم استخدام الأسلحة النووية ضد الدول والمناطق غير النووية أو تهديدها. وهذا بدوره يعطي الولايات المتحدة وحلفاءها شاشة حماية أخرى ضد التهديد النووي الصيني.
كما أنه وبمجرد حدوث نزاع عسكري بين الصين والولايات المتحدة، لن تستخدم الصين الأسلحة النووية أولاً تحت أي ظرف من الظروف، هذا مؤكد، لكن إذا عانت الولايات المتحدة خسارة كبيرة في الصراعات العسكرية التقليدية، فهل ستقوم باستخدام الأسلحة النووية أو تفرض تهديداً نووياً على الصين أم لا؟.
هل يستطيع ستولتنبرغ أن يعد الصين رسمياً نيابة عن الناتو والولايات المتحدة بأنها لن تكون أول من يستخدم الأسلحة النووية ضد الصين في أي وقت؟ إذا لم يستطع، فكيف يكون مؤهلاً لاتهام الصين “بالافتقار التام للشفافية؟”.
ولطالما أعلنت الصين أنها تحتفظ بمستوى أدنى من الردع النووي، أليس هذا ما يسمى بضبط النفس؟.
ماذا يعني “الحد الأدنى من الردع النووي”؟ إنه المستوى الذي يضمن عدم تجرؤ الولايات المتحدة على شن هجوم نووي على الصين تحت أي ظرف من الظروف، وأن لا تجرؤ على بدء ابتزاز نووي ضد الصين، بما أن الولايات المتحدة ترفض التعهد “بعدم الاستخدام الأول” للأسلحة النووية، فإن الصين ستستخدم ردعها النووي لضمان ألا تكون واشنطن أول من يستخدم الأسلحة النووية ضدها.
اعتادت الولايات المتحدة على تبني سياسة المشاركة تجاه الصين وتم تخفيف العلاقات الثنائية. ولكن منذ إدارة ترامب، اعتبرت الولايات المتحدة الصين كمنافس استراتيجي ومارست ضغوطاً شاملة عليها، فالولايات المتحدة لم تقم بمزيد من الانتشار العسكري الهجومي ضد الصين فحسب، بل حشدت أيضاً حلفاءها الأوروبيين لتطوير وجود عسكري بالقرب منها، مما يجعل المشهد أكثر عسكرةً ضدها. لهذا السبب اضطرت الصين إلى تحديث المعدات العسكرية، وهنا نريد أن نسأل ستولتنبرغ: إذا لم تطور الصين قوة ردع نووي، فهل تستطيع تحمل الضغط العسكري الذي تمارسه الولايات المتحدة ضدها؟.
يجب على الولايات المتحدة الامتناع عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الصين وإعطائها الإحساس الأساسي بالأمن كقوة صاعدة، يجب أن تتم منافسة الولايات المتحدة مع الصين في القطاعين الاقتصادي والتكنولوجي، وعلى أساس القواعد الدولية. لا ينبغي لواشنطن أن تلجأ إلى مناهج الحرب الباردة مثل الاحتواء الاستراتيجي والتخويف العسكري الذي يجبر الصين فقط على الاستعداد للأسوأ.
لا تنوي الصين أن تصبح قوة عظمى على غرار “الأسلوب البوليسي” العالمي مثل الولايات المتحدة لأن التركيز على الدفاع هو التفكير الاستراتيجي الذي يمر عبر تاريخ الحضارة الصينية بأكمله.
كما أننا لن نحدد المصالح الأساسية أبداً بطريقة توسعية كما فعل الأمريكيون والغربيون، وعندما يتعلق الأمر بالترسانة النووية، نعتقد أن الحفاظ على الردع الفعال كافٍ، ليس لدينا طموح في أن نكون قوة نووية عظمى، ولن يكون لدينا في المستقبل. ومع ذلك، ومع تزايد الضغوط والتهديدات الأمريكية، نحتاج إلى بناء ردع نووي أقوى قائم على الضربة الثانية، هذه هي الفطرة السليمة والشفافية التي تنتهجها الصين في سياستها.
المصدر: