يُحكى عن أحد المسؤولين القصة التالية التي حدثت معه وتعلّم منها أهمية اتخاذ القرار في الوقت المناسب : عندما كان شاباً ذهب مع عمته لتفصيل زوج من الأحذية ، سأله صانع الأحذية، كيف تريد مقدّمة الحذاء، مستديرة أم مربعة؟ لكنه لم يتخذ القرار فقال له صانع الأحذية : تعال بعد يوم أو يومين وأخبرني بما قررت ، لكنه لم يعد . شاهده صانع الأحذية صدفة بالشارع وسأله مرة أخرى عن قراره، فقال الشاب قبل أن يصبح مسؤولاً لم أقرر بعد ، رد عليه صانع الأحذية: سيكون الحذاء جاهزاً غداً . وعندما ذهب الشاب ( مشروع المسؤول ) لاستلام الحذاء اكتشف أن أحدهما كان بمقدمة مستديرة والآخر كان بمقدمة مربعة ، وهناعلق على الموقف : علمتني درساً، إذا لم تتخذ قراراتك بنفسك فسوف يتخذها لك شخص آخر . هذه القصة البسيطة تدلل على أهمية توقيت القرار ، كما أنها تفتح المجال لنقاش حول الفرق بين صناعة القرار واتخاذ القرار .
الكثير منّا قد يقع في حيرة كبيرة في اتّخاذ القرارات لتشابك الطرق الكثيرة التي تواجه صاحب القرار ولا سيما الواسطات والمحسوبيات والولاءات الشخصية ، لكن يبقى اتخاذ القرار وحلّ المشكلات من المهارات الأساسية التي ينبغي على أي مسؤول التمتع بها ، لكن ثمة إشكاليات وتحديات تواجه صدور قرارات في الوقت المناسب منها الخلط بين عمليتي صنع القرار واتخاذ القرار وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاستجابة للمتغيرات الطارئة والمفاجئة. وأصل الإشكالية هنا عدم التكامل والتوافق بين طرفي من يصنع القرار ويوفر المعطيات والأسباب الموجبة وبين من يتخذ القرار ويصدره .
ومن الإشكاليات أيضاً التردد طويلاً في اتخاذ القرارات يعني المماطلة في الأمور التي تحتاج إلى الحسم بأسرع وقت ، و هذا يشكّل على الأداء ومناخ العمل ، الأمر الذي يفرز إشكالية أخرى هي الفارق بين القرارات السليمة التي تكون مبنية على المبادئ وغيرها من القرارات الأخرى المبنية على المزاج والمحسوبيات والولاءات الشخصية .
وللأسف أن المزاج كثيراً ما ينتصر ويتمرد على قرارات المبادىء والضرورات الملحة ، ولذلك نلاحظ أحياناً أن بعض الأشخاص عاجزون عن اتخاذ القرارات ويسعون دائماً إلى تحميل الآخرين مسؤولية ما يحدث من آثار وتداعيات ذلك .
وكي لا نقع في فخ التعميم والتنظير ثمة أمثلة كثيرة عن مديري دوائر ومؤسسات مستمرون رغم توفر الأسباب الموجبة لإعفائهم ورغم مرور زمن طويل على اقتراح إعفائهم من قبل صناع القرار لكن كلّ ذلك يصطدم بالإشكاليات التي تحدثنا عنها وفي مقدمتها من يتخذ القرار ويصدره سواء كان وزيراً أو مديراً عاماً أو أي مسؤول يمتلك صلاحية هذه المماطلة عندما يتأخر ويماطل نتيجة الولاء الشخصي على حساب المصلحة العامة وهذا ما يجعل القرار الصائب أحياناً غالباً.
الكنز- يونس خلف