العبث واللامبالاة عنوان المشهد الموسيقي المعاصر ..!

الثورة أون لاين – علي الأحمد :

هي نتيجة أكثر من منطقية، عندما تفقد موسيقانا العربية مكانتها، ويتسيّد الجهل وانعدام المعرفة، هذا المشهد، وهذا وحده كفيل بأن نرى العَجب العُجاب، ممن قذفت بهم شركات الإنتاج الفني لاحتلال أمكنة أكبر من موقعهم الذي احتلوه بسطوة المال الأسود الأرعن، الذي يشرعن الفساد والإفساد لفنٍ كان عبر التاريخ، خير معين للمتلقي العربي معبراً بكل صدق عن دواخل النفس البشرية مستلهماً في كثير من تفاصيله وتقاليده الراسخة، قضاياه الجوهرية على المستويين التربوي والأخلاقي.
صحيح أن هذا المشهد الكارثي، يحوي بين طياته،بين الحين والآخر، بعض من ومضات الجمال والابداع القديمة، بفضل فنانين لم يقدموا أي تنازلات ولم يجرفهم تيار العبث واللامبالاة واستسهال العملية الإبداعية بفعل تأثيرات التكنولوجيا والبرامج الذكية التي سهلت على أي مبتدئ في أن يصبح بين ليلة وضحاها من المبدعين حسب ذوق السوق الفني التجاري وحسب ماتمليه شركات الإنتاج من سوية فنية مبتذلة، بغية تحقيق المردود المالي الوفير، لنتاجات معلبة تفتقر بكل تأكيد، الى الجودة الفنية وروح الإبداع،إلا أن ذلك له دلالات ثقافية وفكرية تخفي واقعاً مأساوياً وكارثياً لأبعد الحدود، عن عمق المتغيرات التي أصابت عملية الإنتاج الفني، بدءاً من روحية الكتابة المعاصرة شعراً ولحناً التي قفزت دفعة واحدة، عن بديهيات وقواعد وأصول الغناء المتقن الذي يعتمد الموهبة والعلم خاصة مع انحسار ركنين أساسيين هما التربية الموسيقية والنقد الموسيقي الأكاديمي المُغيبان عن أروقة التدريس في المعاهد الموسيقية العربية مع استثناءات قليلة.
إذاً، المسألة هنا بالغة التعقيد ترتبط بشبكة معقدة من الأسباب التي جعلت من ممتهني هذا الفن الجديد، يحتلون هذا المشهد خاصة مع توافر المنصات والقدرات الانتاجية والإعلامية التي سهلّت وأفسحت المجال لظهورهم وفرضهم على الجميع، عبر صناعة النجوم المفبركة الوافدة من أسواق الغرب التجارية ببضاعتها الرخيصة الرديئة ، خاصة حين يتعلق الأمر بقطاع واسع من جيل المراهقين ممن يرون بهؤلاء النجوم المزيفين قدوة لهم، وللأسف يقلدوهم في لباسهم وحركاتهم وقصات شعرهم الغريبة، حيث يطفوا نتاجهم ويدغدغ مشاعرهم عبر ثيمات مكرورة الى حد الاهتراء عن هجر الحبيب الذي خرج ولم يعد وعن الغدر والخيانة، بشكل فيه الكثير من التفجع والبكائية، وهو مايفعل فعله في نفسية وذائقة هؤلاء المغرر بهم لفن كان من المفروض أن يبعث فيهم روح الحياة والأمل بغدٍ مشرق، لا أن يكبلهم ويسجنهم في متاهة الحزن والمشاعر المزيفة. والأمثلة على هذه النتاجات المبسترة، أكثر من أن تُعد أو تُحصى.
ولعلنا لانغالي إن قلنا، أن الأفق قاتم الى درجة اليأس، فما الذي يمكن عمله في مواجهة حيتان هذه الشركات وسطوتها الإعلامية الممتدة على كامل الخارطة الجغرافية لهذا الفن، خاصة بعد أن تحول هذا الفن الى صناعة آلية ميكانيكية، تجتاحه حمى التقليد واستنساخ التجربة الغربية الاستهلاكية، من دون الغوص في العمق، وكتابة موسيقى عربية حقيقية، بديلة لهذا السائد والنمطية المهيمنة، فالعوائق هنا لانهاية لها، مما عمّق من أزمة موسيقانا العربية وأفقدها الموقع والمكانة التي تستحقها، والغريب في ذلك أن كل ما يحدث باسم التجريب الذي هو أقرب الى التخريب، والتحديث الذي يفتقد الى فهم عميق للحداثة ونزوعها الدائم نحو ارتقاء الكتابة والممارسة بعيداً عن مآلات هذا التقليد والتغريب الذي انعكس سلباً على مجمل العملية الإبداعية وعلى الإدراك الجمالي الذوقي.
ولهذا لانعجب كثيراً حين نرى ندرة وشح ونضوب إبداعي يطال هذا المشهد العبثي، الذي يكثر فيه المهرجون الدجالون، ويتكاثرون كالفطر السام، بحيث أصبح من المستحيل التفريق بينهم وبين مايقدمونه من أغنيات تتشابه في ثيماتها ومواضيعها المكرورة، بحيث يخال المرء أنها “لشاعر” واحد أو “ملحن” واحد، هذا إن جاز لنا إطلاق اسم شاعر أو ملحن على هؤلاء الأدعياء ،ناهيك عن المواضيع التي تبعث في حقيقة الأمر على الأسى لحال ومآل هذا الفن في ألفيته الثالثة، وكم ذا في “موسيقانا” من مُضحكات…. ولكنه ضحكٌ كالبكا، اقتباساً من أمير الشعراء أحمد شوقي.

آخر الأخبار
الجنرال فوتيل يبحث مع وزير الطوارئ جهود التعافي والاستقرار الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية سوريا تفتح صفحة جديدة من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا نموذج للسياحة الثقافية في المعرض المتوسطي للسياحة الأثرية بإيطاليا الرئيس الشرع يناقش مع وزارة الداخلية الخطط والبرامج المستقبلية لتعزيز الأمن والاستقرار جدار استنادي لمدخل سوق المدينة في حلب القديمة مصطفى النعيمي: "قسد" رهينة الأجندات الخارجية  مؤيد القبلاوي: انتهاكات "قسد" تقوض اتفاق الـ10 من آذار  القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب