الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
تم الإبلاغ عن تطورين رئيسيين في النقل التجاري الدولي في أب وأيلول، لكن لم يحظ أي منهما بتغطية كبيرة من قبل وسائل الإعلام الغربية السائدة.. أولاً كانت الأخبار التي تفيد بأن خط السكك الحديدية بين الصين وأوروبا أثبت نجاحه بشكل مذهل، كما روته وكالة أنباء شينخوا و EFE الإسبانية، والثاني جاء في 6 أيلول بأن خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم 2 الذي يربط بين روسيا وألمانيا كان على وشك الانتهاء.
لكن نيويورك تايمز، على سبيل المثال، لم تعتبر هذا التطور جديراً بالاهتمام ولو بطريقة بسيطة، وكان البحث في موقع الصحيفة سلبيًا تمامًا، كما كان الحال بالنسبة لجميع المنافذ الإعلامية الرئيسية في الغرب.
من المثير للاهتمام أن هذين المشروعين المهمين تم تجاهلهما بشكل كامل بدلاً من الترحيب بهما في معظم العواصم الغربية، وهذا ما يلحظ الحالة المهتزة للعلاقات الدولية والبحث في الأسباب الكامنة وراء الكراهية الواضحة للحكومات الغربية ووسائل الإعلام تجاه مشاريع تعاونية ناجحة بين الصين وروسيا.
مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI) هي مشروع عالمي وصفه مجلس العلاقات الخارجية بأنه “واحد من أكثر مشاريع البنية التحتية طموحًا على الإطلاق، وأطلق الرئيس شي جين بينغ في عام 2013، مجموعة واسعة من مبادرات التنمية والاستثمار ستمتد من شرق آسيا إلى أوروبا، مما يوسع بشكل كبير النفوذ الاقتصادي والسياسي للصين، وتضمنت رؤية شي إنشاء شبكة واسعة من السكك الحديدية وخطوط أنابيب الطاقة والطرق السريعة والمعابر الحدودية المبسطة.
تشير وحدة المعلومات الاقتصادية إلى أنه في الربع الثاني من عام 2021، استمر مستوى التجارة على طول مبادرة الحزام والطريق في الزيادة على الرغم من موجات Covid-19 المستمرة، مع استفادة صادرات الصين من الالكترونيات والأثاث. وازدادت تجارة البضائع مع البلدان الواقعة على طول مبادرة الحزام والطريق بنسبة 38٪ على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2021، وهو ما يمثل 29.6٪ من إجمالي تجارة الصين مع العالم، كما ازدادت واردات الصين من البلدان الواقعة على طول مبادرة الحزام والطريق بنسبة 66.6٪ وسط ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وهو أمر مثير للإعجاب ويبدو أنه إيجابي بالنسبة للصين وشركائها. لكن المشرعين الأمريكيين لا يرون مبادرة الحزام والطريق على هذا النحو بل يعتبرونها خطرا على العالم وخاصة للولايات المتحدة.
يمكن التوقع أن يصبح قانون المنافسة الاستراتيجية لمجلس الشيوخ الأمريكي لعام 2021 قانونًا في شكل معدل ولكن مع التوجه الثابت المتمثل في أن جمهورية الصين الشعبية تستفيد من قوتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والأيديولوجية لتصبح قوة استراتيجية منافسة للولايات المتحدة.
تتعارض السياسات التي تنتهجها جمهورية الصين الشعبية بشكل متزايد في هذه المجالات مع مصالح وقيم الولايات المتحدة وشركائها والكثير من دول العالم ، لا يمكن أن يكون هناك إعلان أوضح من المشرعين في واشنطن أنه بغض النظر عما قد قاله الرئيس بايدن في مكالمته الهاتفية مع الرئيس شي في 9 أيلول، لن يكون هناك تخفيف للضغط الأمريكي على الصين.
أوضح شي أن ما إذا كان بإمكان الصين والولايات المتحدة التعامل بشكل صحيح في العلاقات المتبادلة هو سؤال القرن الذي يتعلق بمصير العالم، ويجب على كلا البلدين الإجابة عليه، ولكن لا يوجد دليل على أن الكونغرس الأمريكي أو الإدارة الأميركية تقتربان من العلاقات مع الصين، على الرغم من أن الصين تصور مبادرة الحزام والطريق (BRI) كمبادرة إنمائية، إلا أن الكونغرس يرى أن الصين تستخدم أيضًا المبادرة لتعزيز مصالحها الأمنية الخاصة، بما في ذلك توسيع قدراتها في عرض القوة وتسهيل المزيد من وصول جيشها من خلال منشآت عسكرية في الخارج.
وهذا النوع من التصريحات الملتوية هو الذي يحد من سلوك واشنطن في الشؤون الدولية. فالصين ليس لديها سوى مجموعة عسكرية في ميناء جيبوتي في القرن الأفريقي وهي المجموعة العسكرية الوحيدة للصين خارج أراضيها، في حين أن الولايات المتحدة تمتلك حوالي 750 قاعدة عسكرية في 80 بلداً على الأقل في جميع أنحاء العالم وتنفق على هذه القواعد أكثر من جيوش البلدان التي تحوي هذه القواعد مجتمعة.
ليس من المستغرب أن تجد العديد من الدول صعوبة في فهم السياسة الخارجية الأمريكية المتحيزة، عندما ينغمس المشرعون في واشنطن في مثل هذه المبالغة والتعامل بازدواجية المعايير، قد يكون من غير اللائق لمن هم في السلطة في واشنطن، بالنسبة للعديد من الأشخاص الآخرين في الولايات المتحدة، أن يدركوا أن روسيا والصين دولتان مهمتان ترغبان بطريقة قانونية في توسيع نفوذهما الاقتصادي.
يبدو أنهم لا يستطيعون فهم أنه عندما تنفق روسيا عشرة مليارات دولار على مد خط أنابيب وتكسب المليارات السنوية من بيع الغاز المنقول، سيكون من الجنون الاقتصادي أن تحاول حكومة موسكو بأي شكل من الأشكال استخدام خط الأنابيب للانغماس في الحروب والعدوان والأنشطة الخبيثة.
وبالمثل، فإن الصين ليس من الحكمة اقتصادياً أن تهدد النجاح المتزايد للحزام والطريق الذي يجري بتعاون ومسؤولية مع 138 دولة شريكة. يجب أن تواجه واشنطن الحقائق وتقبل أن الولايات المتحدة يجب أن تتعاون مع الصين وروسيا بدلاً من الحفاظ على موقفها العدواني الحالي.
الحرب الباردة الجديدة تأتي بنتائج عكسية تمامًا ويجب الاعتراف بأن هناك فوائد لجميع الدول في تطوير وتحسين وسائل وأساليب التجارة. قد تتخيل الإدارة الأمريكية أنها ستظهر ضعفًا إذا قررت العمل مع بكين وموسكو، لكنها ستظهر الحس السليم والبصيرة للتخلي عن الحرب الباردة والتركيز على التعاون.
بقلم: بريان كلوجلي
المصدر: Strategic Culture