الثورة أون لاين – إخلاص علي:
العنف ظاهرة سلوكيّة واسعة الانتشار امتدّت إلى داخل المؤسسات التربويّة والمدارس ليجد له مكانا فيها بصورة أكبر حيث يتّسم سلوك بعض الطلاب بالسلبيّة وعدم التكيّف مع الوسط المدرسي.
ويعتبر العنف اللّفظي من أبرز أنواع العنف المنتشرة بين شريحة الطلبة والذي يمكن حصر أسبابه في ظروف نفسيّة واجتماعيّة متشابكة . إلى جانب وجود العديد من العوامل التي تسهم في تفشي هذه الظاهرة إلى حد ما في بعض الأماكن والمناطق ربما تكون نابعة من أسرة الطالب، وأخرى خاصة بالمجتمع المدرسي والبيئة المحيطة إلى جانب العوامل الشخصيّة والنّفسيّة والاختلاط برفاق السوء.
نرصد في هذه السطور بعض الآراء التي تدور في فلك العنف اللّفظي.
حيث تحدّث عدد من أهالي الطلاب في إحدى المدارس عن تعرّض أبنائهم للعنف اللّفظي داخل أسوار المدارس من قبل معلمين أو طلاب ولم يستطيعوا إثبات ذلك وأبدوا تخوّفهم من انتشار هذه الظاهرة مؤكدين حرصهم على سؤال أبنائهم يومياً عن معاملة المعلمين والطلبة لهم .وهل تعرّضوا لأي نوع من المضايقات أو التّوبيخ أو السخرية مشيرين إلى أن العنف اللفظي يعتبر أسوأ أنواع العنف المدرسي بسبب صعوبة إثباته حيث إن أثره نفسي وليس جسدي.
أما أم مريم فقالت لنا أنها ذات يوم كانت ابنتها تلعب وصديقتها في المنزل وتقومان بتمثيل دور المعلمة والطالبة
حيث لاحظت أن ابنتها تستخدم الألفاظ البذيئة والصراخ واستخدام لغة التهديد .
فسألتها عن سبب ذلك لترد عليها بأن معلمتها هكذا تتحدث في الصف وهي تقوم بتقليدها .
فيما أفاد البعض الآخر من ذوي الطلبة بأن أبناءهم يتعرّضون بشكل يومي للكلام البذيء من رفاقهم كالشتم بأسماء الحيوانات والسخرية والتّقليل من شأنهم .
وأكّدوا أن الإجراءات المدرسيّة لاتمنع تكرار هذا العنف ودائماً تُرجِع الأمر إلى المشاحنات اليوميّة بين الطّلبة أو انفلات أعصاب المعلم بسبب سلوك طلابه.
وأثناء حديثنا مع عدد من المعلمين أكّدوا أن العنف اللّفظي في أغلب حالاته يتم بين الطلاب بعضهم بعضاً ونادراً مايصدر من معلم أي لفظ أو توبيخ لطالب
مُرجِعين السبب في ذلك إلى اختلاف الخلفيات الثقافية للطلبة وتعرّض بعضهم لهذا السلوك داخل بيوتهم أو في محيطهم الخارجي .
*نوع تقني جديد
ولمعرفة الآثار المترتّبة جرّاء انتشار هذا اللون من السلوك يوضح الأختصاصي الاجتماعي محمد علي بالقول :
أن العنف اللفظي يُلقي بظلاله على شخصية الطالب عندما يكبر ويقوم بتفريغه تجاه الآخرين عبر استخدام الطريقة والسلوك نفسيهما اللذين تعرّض لهما مشيراً إلى أن العنف اللّفظي والمعنوي أشد وقعاً في بعض الأحيان من العنف الجسدي ويقلل ثقة الطلاب بأنفسهم ويُشعرهم بالضعف .
وأضاف بأن انتشار الهواتف المحمولة بين التلاميذ وانخراط الآلاف منهم في فضاءات التواصل الاجتماعي أسهم في ظهور نوع جديد من العنف أصبح متداولاً وبكثرة فيما بينهم كتوجيه رسائل التهديد عبر تلك الهواتف أو إنشاء صفحات على “الفيس بوك” للتحريض على زميل لهم والتخويف وبث الرعب.
وعن معالجة هذه الظاهرة:
أكّد الاختصاصي الاجتماعي على ضرورة اتّباع أساليب تربويّة وتعليميّة حديثة تنبذ العنف مع أطفالنا بكافة أشكاله وطالب بضرورة وجود القدوة الحسنة للتلاميذ في المدرسة وتسليط الضوء على الإيجابيين منهم ليكونوا قدوة لغيرهم .
مع الاهتمام بمشكلات الطلاب وتقديم التّوجيه والإرشاد لهم وتعزيز الثقة بالنّفس لديهم وزيادة الأنشطة المدرسيّة.
فالمدرسة إلى جانب دورها كمركز إشعاع علمي ومعرفي هي قلعة للحصانة الأخلاقية حاضنة للقيم الثقافية والحضارية والعاملون فيها من معلمين ومرشدين وموجهين تربويين هم قدوة الأمة ورسلها وتُوكَل إليهم مهمّة التّربية قبل التّعليم.