الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
بعد فشل أدوات العدوان والإرهاب طيلة السنوات العشر السابقة في النيل من صمود سورية شعباً ودولة وجيشاً تتواصل التدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة عليها لعرقلة جهودها في التخلص من آثار الإرهاب البغيضة.
إن فرض هذه التدابير غير الأخلاقية بمختلف أشكالها ومسمياتها على سورية يضر بجهودها في الانتقال إلى التعافي والتنمية وإعادة الإعمار، ويتعارض مع قواعد القانون الدولي ومع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها مبادئ احترام سيادة الدول وحقها في تقرير المصير وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وإن ما يسمى بـ “قانون قيصر” الذي تتجاوز مفاعيله حدود الولايات المتحدة يشكل نموذجاً للتعسف في استخدام القوة الاقتصادية والمالية ووسائل القسر الاقتصادي بشكل أحادي، ويفتقد لأي أساس قانوني أو أخلاقي.. كما أنه إرهاب اقتصادي يستوجب مساءلة أصحابه عن المعاناة الإنسانية الجسيمة التي تصيب مواطني الدول المستهدفة دون تمييز، وتنتهك حقوقهم الأساسية بما فيها الحق بالحياة والحق بالصحة والغذاء والتنمية، حيث يتعامى الإعلام الغربي والأمريكي عن الآثار الضارة لتلك الإجراءات القسرية والتحذيرات الدولية المواكبة لها.
فمنذ عام 2018 تم تقديم تقرير أممي يتضمن تقييماً مهنياً حول معاناة المواطنين السوريين نتيجة التدابير القسرية المفروضة عليهم، واتسع حجم وتأثير تلك التدابير مع لجوء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى تشديد الحصار الاقتصادي على الشعب السوري عبر إجراءات استهدفت قطاعات حيوية مثل المصارف والطاقة والاتصالات والنقل وهي إجراءات حرمت السوريين من احتياجاتهم الأساسية بما فيها الدواء والرعاية الصحية والغذاء وانتهكت حقوق الإنسان وعرضت سورية لضغوط وتحديات إضافية مع قيام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتوسيع نطاق تدابيرهما أو تجديد أمدها خلال جائحة كوفيد19.
وفيما تتبجح الحكومات الغربية حول وجود ما يسمى بـ “استثناءات وإعفاءات” تيسر استيراد السلع والمواد المخصصة للأغراض الطبية والصحية والإنسانية، إلا أن ذلك لا يعدو كونه محاولة لتبرير فرض تلك التدابير القسرية وإعطائها مسحة إنسانية كاذبة.
فهذه الإجراءات القسرية المفروضة على الشعب السوري تعوق عمل الوكالات الإنسانية لتوفير المساعدات الإغاثية وتضر بجهود سورية في الانتقال إلى التعافي والتنمية وإعادة الإعمار، وعودة اللاجئين والمهجرين قسراً بفعل الإرهاب، كما أنها تؤثر سلباً على حقوق الإنسان في البلدان المستهدفة وتعوق تنفيذ التنمية المستدامة.
وقد استغل الغرب جائحة كورونا ليزيد من إجراءاته القسرية على سورية ويرفع من مستوى ضغوطه عليها حيث قام بتسييس الجائحة وطرق مكافحتها من أجل تحقيق أهدافه العدوانية.
وقد أثر اتساع نطاق هذه التدابير خلال جائحة كورونا سلباً في قدرة البلدان المستهدفة ومنها سورية على الاستجابة الفعالة للجائحة ما جعل سكانها أكثر عرضة للإصابة بالوباء وتبعاته وبذلك أدت تلك التدابير إلى انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، ومنعت الحكومات من الاستخدام الأمثل لقدرتها على حماية مواطنيها من الجائحة وتداعياتها.
وتعمل بعض الدول الغربية على تسييس جائحة كوفيد19 وتفضل مصالحها السياسية على إنقاذ الأرواح حيث يستمر حظر تحرير الأموال التي تشتد الحاجة إليها في البنوك الأجنبية أو من المؤسسات الدولية لاعتبارات سياسية، كما تستمر الإجراءات القسرية التي تستهدف الخدمات والقطاعات الاقتصادية الحيوية رغم علم أنه لا يوجد شيء يمكن أن يبرر المعاناة الإنسانية التي تسببها هذه الممارسات غير القانونية.
وبالمجمل فإن الآثار السلبية لتطبيق التدابير القسرية خارج الحدود الإقليمية والامتثال المفرط لها على العمليات الإنسانية يدعو المجتمع الدولي ومنظماته الدولية للحد منها وتقديم المساعدات في البلدان المستهدفة، وإلى عدم فرض أو الاعتراف بالتدابير القسرية الأحادية والامتناع عن إلقاء مسؤولية الامتثال المفرط على الشركات الخاصة