ليس جديداً حديث الهجرة بين الشباب بحثاً عن فرصة أفضل في التعليم والعمل، وسعياً لعيش حالة متخيلة من المواطنة.
ثم أتت الحرب الإرهابية، وانعدم الأمان في مدن وبلدات كثيرة، فكان خيار السفر أمام البعض طلباً للنجاة بالحياة، وبسبب فقدان ممتلكاتهم على يد الإرهاب، ولم يقتصر الأمر على شريحة الشباب إنما امتد الى مختلف الأعمار، وقد وصل الى أسر بأكملها.
إلا أن حديث الهجرة عاد اليوم، خاصة بين الخريجين الجدد وشريحة الشباب، حديث يدور بين الأهل والأبناء، بصورة اعتيادية وكأنهم يختارون من جدول مفاضلة القبول الجامعي، فرعاً للدراسة، يعود الحديث نفسه ليدور بين الأهالي والأصدقاء، مرفقاً بتأييد عن طريق سرد ظروف ارتفاع كلفة الدراسة وارتفاع معدلات القبول، والغش في الامتحانات، وقصص الفساد في الجامعات، والأهم ندرة فرص العمل بمردود جيد.
يتبادل الجميع على صفحاتهم روابط الجامعات التي تمنح قبولاً جامعياً، كما يتبادلون من هو الأكثر حظاً بالقبول، كأن يمتلك شرط اللغة وغيرها.
ربما لايمكننا لوم الأهل على موقف التأييد لهجرة الأبناء، فهم يريدون لهم الأفضل، خاصة بعد موجات الغلاء المتتالية، وتفاقم أزمات الاحتياجات اليومية، مع تأخر إعادة الإعمار، لكن نسأل: لمَ لا نعمل جميعاً وخاصه الأهل على تغيير الزاوية؟ فندفع الأبناء لقول نريد البقاء.
أليس من حق الابن والابنة الحصول على فرصة بقاء في وطنهم؟ أليس من واجب الابن والابنة المشاركة في بناء وطنهم؟ أم نترك مصائرهم لما نعانيه من نتائج الحرب وأغنيائها ومن ظهر من المفسدين معها؟.
قد يستغرب الكثيرون والكثيرات من طلب كهذا؟ لا بل يستنكرونه.
لكن علينا التبصر لمنع تفكير أبنائنا بخيار الهجرة، إلا اذا كان لفترة محددة كما في السابق، لنتوجه إلى الحكومة، إلى كل وزارة ومؤسسة ونضعها أمام مسؤولياتها، لنلجأ إلى القانون ونبحث به، نطالب ونطالب حتى يجد الابن والابنة الفرصة هنا.
هل تعجز الحكومة عن وضع سياسات وبرامج، تفتح مشاريع لتستقطب الخريجين؟ ولا أقول هذا بالتعامي عن ظروف الحرب والحصار الظالم المفروض علينا، ولا قلة الموارد بعد حرب ظالمة أيضاً، لكن لا بد من مد جسور ثقة، بالعمل على مجابهة الأسباب الداخلية التي تشجع على الهجرة، وأولها ربما المتابعة والمساءلة ومن ثم المحاسبة.
إننا نطالب الحكومة بإجراءات تدفع أبناءنا وبناتنا إلى القول نريد البقاء.
عين المجتمع -لينا ديوب