الثورة أون لاين – غصون سليمان:
حين تتراجع منظومة الأخلاق، وتنحسر الضوابط الاجتماعية، وتعم الفوضى، ويبقى القانون قاصرا عن فرض سياسة الردع، واخذ الحقوق ومعاقبة المذنب ،فإن الخوف والقلق سيبقى سيد الموقف، لاسيما وأنٌ سياسة شريعة الغاب باتت الأقرب إلى الواقع وهي تتسلل إلى نفوس أبناء المجتمع ،في متوالية من القهر النفسي والاجتماعي والصحي والاقتصادي ،ماجعل الغالبية يعيشون تفاصيل السؤال اليومي .. “أمعقول ما يجري من سلوكيات مرعبة ؟ نكاد لانصدق،شيء يفوق حدٌ الوصف ،يفوق الخيال” وغيره من عبارات التندر .
لقد تحمل الشعب السوري الكثير من ويلات الحرب العدوانية بكل بشاعتها وقذارتها حيث التهمت الأسس والمعايير الناظمة للعيش الكريم وبددت القيم وسرقت كل حلم جميل من كل نفس،
و ضغطت على روحه رغم هزيمته لها ..
لماذا بدا الاستهتار سيد الموقف في كل شيء ،وغدت العلاقات الاجتماعية تعزف على اوتار النفاق والضياع ، ليغدو السؤال هل مازالت الأسرة تتمتع بذاك التماسك والحنان والغيرية ، ولماذا تخلت عن دورها لتصبح مقلدة لا مؤسسة وهل بات مفهوم التربية في مناهجنا الحديثة وحياتنا التعليمية ،يحمل ذاك الثقل وتلك القيم البانية لنسيج المجتمع ومحصنة له.
أسئلة كثيرة تجتاح مسامعنا كل لحظة ،كما أن الأجوبة أكثر من واضحة ومعروفة ولاتحتاج الى عديد الشرح والتفسير لطالما بات الخلل ظاهرا إلى حد كبير في البنية المجتمعية والعصرية وما طرأ عليها من تقنيات وتغيرات عصرية ماجعل الحالة المادية والنزعة الاستهلاكية تطغى على العاطفة والوجدان كمصدر للدفء والأمان والاطمئنان .
إلى زمن قريب كانت المرأة تحمل النار على ظهرها كما يقال من اجل ابنائها ،اذا ماحدثت مشكلة داخل المنزل صغيرة كانت أم كبيرة ويكاد لايسمع بها حتى الأهل.
فيما اليوم غدت الكثير من النساء على سبيل المثال لا الحصر يستسهلن عبارة الطلاق دون اي تفكير بعواقبها ومايترتب عليها من اوجاع وامراض .ماجعلها موضة للخراب دون اسف،وكذلك حال الشباب والرجال هذه الأيام لم يعد يمتلك هؤلاء بالعموم ، ماهو مطلوب من صفات التأني والصبر والحكمة وغيرها.
وبالتالي باتت الحرب الضروس اليوم هي حرب النفس، حربنا ضد نفوسنا أولا بأن نتقي الشر الكامن المخفي داخلنا ، طارئا كان أم مخططا، أن تلام هذه النفس اذا ما توجعت ايذاء لطالما بات ايذاء البعض للبعض حالة سادية عند من تشوهت نفوسهم .
تداعيات الحرب اللعينة على بلدنا اخترقت جدران وبنى التحصين القيمي والأخلاقي وفرضت شروطها السلبية القاسية في ظل حصار اقتصادي جائر عالميا، وفساد اجتماعي قاصر عن الرؤية الوطنية والانتماء الحقيقي في وقت الشدة والأزمات.
إنٌ أكثر مانحتاجه في هذه الظروف للخروج من ضغط الواقع حربا وازمات ، هو اعادة بناء حقيقي للنفس ،للمثل العليا ،للقيم الحقيقية المتجسدة في كل المجتمعات وعند كل الشعوب وان كانت بنسب مختلفة.. انها مسؤولية مجتمعية عمادها وعي الأسرة وهرمها قوانين المجتمع الفاعلة بمؤسساته وخبراته وكفاءات أبنائه.
لانحتاج التربية الحديثة القاصرة عن مصالح المجتمع ، بل نحتاج إلى كيفية صياغة اسس ونظام وضوابط تلك التربية نهجا وسلوكا ،فالوقت يسرقنا ،وماعلينا إلاٌ الإمساك بناصية المستقبل ،نرسمه بما يحفظ الوطن ويصون الكرامة .فكل صعب يهون عند السوريين إرادة وقدرة وحبا.