الثورة أون لاين- ترجمة ختام أحمد:
في خطاب شديد اللهجة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إثيوبيا إلى عدم التمسك بتعنتها الواضح ورفضها غير المبرر للدبلوماسية الدولية بشأن الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي، وحذر أن ذلك يمثل “تهديداً خطيراً لأمن واستقرار المنطقة بأسرها”.
تعتمد مصر على نهر النيل في أكثر من 90٪ من إمداداتها المائية وسعت إلى إبرام اتفاقية بوساطة دولية مع إثيوبيا لضمان عدم خفض إمدادات المياه في مصر من خلال سد النهضة، وقاوم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حتى الآن الوساطة الدولية بشأن سد النهضة، زاعما أن السد مسألة سيادية وأن مخاوف مصر مبالغ فيها.
العالم يدرك مخاطر الاصطدام، لذلك وفي 15 أيلول الماضي أصدر مجلس الأمن الدولي بيانا دعا أطراف الخلاف إلى استئناف المفاوضات بوساطة الاتحاد الأفريقي.
في حين قدمت مصر عرضها الثاني إلى المجلس خلال عامين حول سد النهضة، لكن قرار مجلس الأمن لم يتعد كونه بيانا صادرا لا وزن له ولا يرقى إلى قرار من هيئة دولية من المفترض أنها تسعى لتحقيق الأمن الدولي، ويقتصر تفويض مجلس الأمن على القضايا التي تمس “الأمن الدولي”.
من الواضح أن هذا الخلاف يقترب من تلبية هذا المعيار، ولكن مع ذلك، يظل الأعضاء غير مرتاحين بشأن سابقة استخدام المنتدى لمعالجة “قضايا المياه”، حيث يمكن أن يفتح المجلس أمام العديد من القضايا الأخرى.
وبالتالي فإن بيان المجلس يعتبر نتيجة سلبية بالنسبة لمصر، التي تفضل دورا أكثر انخراطا للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والقوى الخارجية في المحادثات لدعم الاتحاد الأفريقي. وتعتبر إثيوبيا أن سد النهضة خارج نطاق اختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتفضل أن تظل المحادثات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن قال بعد لقائه مع وزير الخارجية المصري سامح شكري يوم 22 أيلول إن كلا البلدين يشتركان في الرغبة المتبادلة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، الذي تترأسه حاليا جمهورية الكونغو.
تستفيد الآن الدبلوماسية المصرية من تراجع العلاقات الأمريكية الإثيوبية بسبب الحرب الأهلية في تيغراي، والتي وصفتها وزارة الخارجية بأنها “واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم”، حيث يعيش أكثر من 900 ألف شخص في مجاعة.
في 17 أيلول سنت إدارة بايدن نظام عقوبات جديدا ردا على الأزمة، في تحذير لحكومتي إثيوبيا وإريتريا اللتين تورطتا في فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان في الصراع، وتستخدم مصر الآن الدبلوماسية القديمة كجزء من استراتيجيتها الدبلوماسية المعلوماتية لنقل موقفها بشأن النيل إلى الدول الأفريقية.
مصر لا تكتفي بتأطير نزاع النيل من الناحية الأمنية بل تعبر أيضا عن قلقها من خلال المطالبة بجهد أوسع لتأكيد الصراعات المائية العابرة للحدود، من خلال التأكيد على ندرة المياه والجفاف وتصحر الأراضي والأمن الغذائي، وتحسبا للتأثير المحتمل لانخفاض إمدادات المياه، تقوم مصر بالعديد من المشاريع لزيادة كفاءة استخدام المياه وإصلاح العديد من محطات الطاقة الكهرومائية الرئيسية، ويحاول السيسي تعزيز الشراكات الرئيسية، فقد أعلن في 11 أيلول عن ما يسمى بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لمراجعات مختلطة، مع ادعاء مناصرين أن المبادرة هي خطوة كبيرة إلى الأمام، ووصفها النقاد بأنها محاولة لتعزيز الرقابة الدولية، وقد لاحظت الولايات المتحدة ذلك وأشارت قراءات وزارة الخارجية الأميركية بعد اجتماع بلينكن مع شكري إلى أن “الشراكة المعززة ستيسرها خطوات من الحكومة المصرية لتحسين حمايتها لحقوق الإنسان من خلال تنفيذ الاستراتيجية الجديدة”.
واتفق بلينكن وشكري على إجراء “حوار استراتيجي ثنائي لمناقشة القضايا الإقليمية وحقوق الإنسان والتعاون الأمني والعلاقات الاقتصادية”.
بقلم: ماري التافير – جيتي إيماجيس
المصدر: موقع Al-monitor
