الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
لا نملك إحصاء دقيقا لعدد الروايات التي كتبت عن الحرب الدوانية على سورية سواء تلك التي صدرت داخل القطر أو خارجه ولكنها بالتأكيد وصلت إلى أكثر من خمسمائة رواية بعضها ترك أثرا طيبا عند القارىء وشكل علامة فارقة للمشهد الروائي وقسم آخر بقي حبرا على ورق.
من الروايات المهمة التي يمكن للمرء الوقوف عندها روايتان للكاتب السوري أنطون خليل حداد الأولى حملت عنوان (هارمونيكا) والثانية (أنا اسمي جميلة).
الرواية الثانية تدخل في نزيف الجرح السوري وتتخذ من منطقة القصير منطلقا لها وتزاوج بين ثنائيات الماضي والحاضر تاريخ الحضارة وحضارة اليوم وبين ما كنا عليه وما يأمل العدو على أن يصل إليه.
تنطلق خيوط الحكاية من أسرتين متجاورتين مسلمة ومسيحية والألفة التي بينهما وكيف استمرت إلى النهاية ثم تنفرد الرواية بسرد مصير أسرة جميلة بطلة الرواية وتبدأ المعاناة تهاجر مكرهة مع أهلها تستشهد والدتها خلال السفر لكن الوطن يبقى في قلبها وعقلها.
ما حصل مع جميلة يحبس الأنفاس وتتواتر الأحداث الشيقة بعد وصولها إلى فرنسا.
وخير فلسفة إبداعية سورية هو ما جاء على لسان البطلة جميلة في الصفحة ١٠٨
أنا قطينة وسور دمشق والطريق المستقيم وعيون حنانيا وجفون الأموي.
أنا صديقة جينا التي علمتني (أبانا الذي في السموات) وعلمتها الفاتحة.
أنا جميلة الضائعة عن وطن والتائهة في وطن.
حاجباي يذكرانني بالفرات ودجلة وفي عيني تعيش دمشق وحلب عندما أبكي يطوف العاصي وعندما أفرح تزغرد درعا أطفال بلدي يلعبون على خدي وخطوط جبهتي تتندى بعرق أجدادي.
هذه هي ملامحي.
فهل هناك وجه بلا ملامح يا فيليب؟
تمضي وأنت تقرأ الرواية حاملا معك كل آلام وآمال السوريين من جميلة إلى غيرها يرسم أنطون حداد في روايته سورية الجميلة التي كانت والتي ستعود.
سورية التي يضحي فيها الجميع من أجل الغد سورية التي لم تعرف يوما ما الحقد لكن الأعداء رموها بذلك.
سورية الثقافة والحضارة وانكسار حلم لعام أو عدة أعوام لا يعني أبدا التراجع بل يعني ذلك أن سياجا من الفداء يتم العمل على إنجازه.
رواية أنطون حداد قبس من كل بيت وهي حكايتنا التي رواها الكاتب فأبدع بحبر الفداء.