الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
ذاكَ النهار كان بهيّاً، رائعاً روعة البلاد وهي تحتفي بانتصار الحقِّ وهزيمة الباطل والعدوان، وبالكرامة التي رصّع بها المقاتل السوريّ، مدى وطنه والحياة التي تسمو فيه، بالإرادة والعقيدة التي وحدها من بإمكانها، أن تنصر وتحرّر الأوطان..
ذاك النهار، هو نهارُ السادس من تشرين.. تشرين البطولة والانتصارات السوريّة.. تشرين الاحتفالات التي بدأت، مُذ أشرق ذاك اليوم مُعلناً، أن التاريخ يحيا من جديد، ويُكتَب من جديد، وبمدادِ الكرامة والدم الطهور، طهارة معاني الفداء والبطولة والتضحيّة..
كرامة ودماءُ شهداء الحقّ الأعظم والأكبر، وتضحيات الجيش العربي السوري، الذي خاض الحرب، وسطّر أعظم الملاحم البطولية، التي حطّم بها أسطورة العدو الصهيوني، وادّعاؤه بأن جيشه لا يُقهر…
هذا ما حدث في حرب تشرين التحريرية عام 1973.. الحدثِ الذي لم يكن عابراً في تاريخ سورية والأمة العربيّة، بل كانت حدثاً مفصليّاً واستثنائياً، غيّر خارطة المنطقة بأكملها، وسجّل أعظم الانتصارات والبطولات بعد هزيمة حزيران عام 1967..
لقد حررت هذه الحرب، إرادة المواطن العربي، وأعادت له ثقته بنفسه وجيشه، وقدرته على خوض أعتى المعارك، واستخدام أحدث الأسلحة.. هذا التّحول الجذري في المنطقة، فتحَ حقبةً جديدة من العمل المقاوم، لاستعادة جميع الأراضي والحقوق المغتصبة.
نعم، إنّها حرب تشرين التحريرية.. الحرب العربية الأولى التي اتّخذ فيها العرب قرار الحرب، ليس حباً في الحرب، وإنّما من أجل تحرير الأرض والإرادة، وهذا ما عبّر عنه القائد المؤسس حافظ الأسد، عندما توجّه بكلمةٍ متلفزة إلى رجال القوات المسلحة، قال فيها: «لسنا هواةَ قتلٍ وتدمير، وإنّما ندفع عن أنفسنا القتل والتدمير.. لسنا معتدين ولم نكن قطّ معتدين، ولكننا كنّا وما نزال، ندفع عن أنفسنا العدوان.. نحن لا نُريد الموت لأحد، وإنما ندفع الموت عن شعبنا.. إننا نعشق الحريّة ونريدها لنا ولغيرنا، وندافع اليوم كي ينعم شعبنا بحريته.. نحن دعاة سلام ونعمل من أجل السلام لشعبنا، ولكلّ شعوب العالم، وندافع اليوم من أجل أن نعيش بسلام».
هي كلماتٌ، لخّصت معاني هذه الحرب ودوافعها وأهدافها، وصولاً إلى النصر المؤزر، لأرضنا وإنساننا وكرامتنا.
حتماً، لم يكن العاشر من رمضان، في اليوم التشريني ذاك، يوماً عادياً ككلّ الأيام، بل كان بوابة العبور إلى النصّر الكبير، الذي رسمت ملامحه بطولات الجيش العربي السوري.. حرّاس الفجر والكرامة، وهم يخوضون معارك البطولة والشرف في الجولان وجبل الشيخ، وحرب الاستنزاف التي كانت مثالاً ناصعاً على التمسك بالأرض وتحرير القنيطرة، ورفع العلم السوري في ساحاتها، التي تمدُّ أيديها للضّياء والنّور والحياة …
في تمام الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من تشرين الأول، كانت ساعة الصفر، وانطلقت الشرارة، ودكّت مدفعية الجيش العربي السوري، وسلاحه الجوي، مواقع العدو المحصّنة، وحولتها إلى ركامٍ، كما وصلت طلائع القوات السورية إلى مشارف بحيرة طبرية، في عمليةٍ نوعية لقوات النخبة، وتمّ الإنزال في جبل الشيخ، وتحرير المرصد، ورفع العلم العربي السوري فوقه.
لقد كان التلاحم بين الجيش والشعب في أبهى صوره، وشكّل العامل الحاسم في رسم معالم الانتصار …
اليوم، نحتفي بذكرى حرب تشرين، ونؤكد للعالم أجمع، أن وطناً حارب في تشرين وانتصر، وحارب الإرهاب والإرهابيين في الحرب الكونية الظالمة التي فُرضت على سورية وانتصر.. حتماً هو قادرٌ وفي أيّ وقتٍ، وتحت أيّ ظرفٍ، على صوغ أبجديّة التحدّي والانتصار، بهمّة الجيش والشعب والقائد.. هذا الثالوث المقدّس هو الشعلة التي لا تنطفئ، والرمح الذي لا ينكفئ، لأنها سورية.. وطن الشمس.. وطن الضياء.. وطن الكُماة.. وطن الحضارة الضاربة في جذور التاريخ.
طوبى لتشرين ونصر تشرين.. طوبى لمن خطّط وقادَ الحرب وحقّق الانتصار.. القائد الخالد المؤسّس حافظ الأسد …
طوبى للأبطال رجال الجيش العربي السوري، صُنّاع الانتصارات والحياة.. الكُماة في كلّ المعارك والساحات ….
في هذا اليوم، وكما كلّ يوم، نقول لهم: معكم وبكم تستمر مشاعل العطاء، مشاعل العزّة والكرامة، مشاعل الصمود والإرادة والمواجهة والمقاومة.. مشاعلُ الدروب المضيئة، نسير بها على هداكم، لنبلغ وإياكم، ذرى المجد في سوريّة العظيمة..
التاريخ: الثلاثاء5-10-2021
رقم العدد :1066