الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
يفضل اليسار الكوري الجنوبي بشكل علني ما يسمى بـ “الغموض الاستراتيجي” في سيؤل، مع التأكيد بأنه لا بكين ولا واشنطن لديهما أي ادعاء باستخدام الشراكة مع البلاد لتعزيز خططهما الجيوسياسية لقوتهما العظمى، وفي المقابل فإن المحافظين الكوريين الجنوبيين يميلون أكثر إلى انتقاد الصين بطريقة تتفق مع النظام الدولي الليبرالي مع أن التجارة مع الصين تشكل جزءاً كبيراً من اقتصاد كوريا الجنوبية الموجه للتصدير.
إن عدم رغبة سيؤل في الانحياز بشكل صريح إلى جانب واشنطن ضد بكين لا يشكل أزمة وجودية لتحالف كوريا الجنوبية والولايات المتحدة حتى الآن، ولكن في حال فوز الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، سوف تجد واشنطن نفسها أمام إدارة كورية جنوبية أقل استعداداً للتحالف معها ضد الصين.
هناك إجماع عام من الحزبين بين صانعي السياسة في سيؤل على أن الولايات المتحدة لا تنظر على النحو الواجب في المصالح المحددة لكوريا الجنوبية، خاصة فيما يتعلق بنزع السلاح النووي وتوحيد شبه الجزيرة الكورية، ومع ذلك فإن اليسار واليمين منقسمون حول كيفية تأثير علاقات كوريا الجنوبية مع بكين وواشنطن في السعي وراء مصالحها الوطنية.
وقد أكد صانعو السياسة في اليسار الكوري الجنوبي أنه يجب على كل من بكين وواشنطن اعتبار البلاد جهة فاعلة حاسمة في شمال شرق آسيا في حد ذاتها، كما أثار دفع الولايات المتحدة لكوريا الجنوبية للتوافق مع استراتيجيتها ضد الصين تساؤلات حول مدى تقدير واشنطن لشراكتها مع سيؤل بما يتجاوز الطموحات الجيوسياسية.
في المقابل، جادل صناع السياسة اليمينيون في كوريا الجنوبية بأن دعم سيؤل غير المشروط لتحالفها مع واشنطن، بما في ذلك مساعدتها على احتواء الصين، يشكل مصلحة رئيسية لكوريا الجنوبية، وقد انتقد أعضاء بارزون في الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية “غموض سيؤل الاستراتيجي” بين بكين وواشنطن.
بينما صرح البيت الأزرق علناً أن إدارة بايدن تقدر الموقف الهش لكوريا الجنوبية، ويدرك صانعو السياسة في سيؤل أن الولايات المتحدة تحاول تجنيد بلادهم في استراتيجيتها لاحتواء الصين، وكان هذا واضحاً في حث واشنطن سيؤل على المشاركة في الحوار الأمني (الرباعي) والتحركات الأخيرة في واشنطن التي تهدف إلى إغراء كوريا الجنوبية للمشاركة في اتفاقية العيون الخمس لتبادل المعلومات الاستخباراتية.
حتى إذا لم تطلب واشنطن صراحةً من سيؤل الانضمام إلى الرباعية أو اتفاقية العيون الخمس، فإن كوريا الجنوبية تدرك جيداً أن واشنطن ستقيّم بشكل ثابت القيمة الاستراتيجية النسبية لكوريا الجنوبية مقابل رغبتها في التعاون مع استراتيجيتها الأوسع تجاه الصين. ولكن فشل واشنطن في النظر إلى كوريا الجنوبية على قدم المساواة يمكن أن يعيق محاولات تطوير الشراكة بينهما لمواجهة التحديات الحالية.
وقد أكد رئيس الحزب الديمقراطي سونغ يونغ جيل مؤخراً أن سيؤل لا تواجه خياراً ثنائياً محصلته صفراً يتمثل في الاضطرار إلى التحالف مع بكين أو واشنطن.
قد تشير انتصارات حزب سلطة الشعب المعارض في الانتخابات الفرعية في نيسان 2021 إلى فوز المحافظين في الانتخابات الرئاسية في عام 2022، مما قد يزيد الآمال في واشنطن بأن كوريا الجنوبية ستؤدي دورها بشكل أفضل في الرؤية الاستراتيجية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. ووسط مخاوف من أن التنافس الاستراتيجي بين واشنطن وبكين قد يؤدي إلى تهميش سيؤل في محاولتها لتولي زمام المبادرة في نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، فإن قدرة كوريا الجنوبية على البقاء في طليعة هذه الجهود ستكون قضية ذات أهمية رئيسية لحكومة يسار الوسط. وتتمثل إحدى الطرق التي يمكن أن تعمل بها الولايات المتحدة مع الإدارة ذات الميول اليسارية في سيؤل لتعزيز المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة تجاه الصين في السماح لكوريا الجنوبية بمزيد من الاستقلال الذاتي داخل هيكل التحالف لإدارة سياساتها تجاه بيونغ يانغ، وقد تمنع هذه الاستراتيجية سيؤل من الاقتراب من بكين للمناورة بعيداً عن يد واشنطن المتعجرفة.
ترجمة: ميساء وسوف
المصدر: East Asia Forum
التالي