بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
كثيرة هي الاجتماعات الدولية التي تطالب بإلغاء العقوبات المفروضة على الشعوب، وطيّ صفحة الإجراءات القسرية والأحادية الجانب التي تحرم البشر من الدواء والغذاء، وكثيرة هي المنظمات الدولية التي تجهد نفسها في إصدار بيانات الإدانة والاستنكار للحصائر الجائر والظالم الذي تشدده واشنطن على العديد من الدول، وفي مقدمتها الحصار على سورية، لكن السؤال الذي يلقي بظلاله على سهم بوصلة هذه التحركات والاجتماعات والبيانات هو: هل تكفي وحدها لطي صفحة هذا الظلم أم إن الأمر يحتاج إلى تحرك فاعل على الأرض وخطوات عملية تحاصر من يحاصرون الشعوب وتردعهم وتحاسبهم؟.
الإجابة لا تحتاج إلى كثير عناء لفك رموزها وشيفرتها، فالإدانات لا تسمن ولا تغني من جوع، وهذه إدانات العالم للكيان الإسرائيلي على مدى عقود من الزمن الشاهد الأكبر، والبيانات لا تمنح المحاصرين والجوعى الخبز والماء والدواء، والاجتماعات لا تقدم لهم الطاقة والحياة، وربما الأمل هو الوحيد على جدول أعمالها.
فكي يتراجع الغزاة والمتطرفون، الذين يتحكمون بعواصم القرار عن هذه الإجراءات غير الشرعية وعدم الاستمرار بفرضها، فإن على الآخرين أن يحاصروهم ويقاطعوهم، ويطالبوا بمحاسبة من يستمر منهم بمثل هذه العقوبات، وألا يكتفوا بالبيانات والإدانات.
فكم سمعنا وشاهدنا من البيانات التي تطالب واشنطن بإنهاء حصارها وعقوباتها ضد السوريين، وكم قرأنا عن الاجتماعات التي عبرت عن رفضها القاطع لهذا الحصار الجائر، وخصوصاً ما يسمى “قانون قيصر” الذي ليس فيه إلا الإرهاب، والذي يخالف أبسط قواعد القانون الدولي، ولكن الحصار بقي، وظل الشعب السوري يعاني من الإجراءات الغربية القسرية بالتوازي مع معاناته من الإرهاب الذي نشره حلف العدوان على الأراضي السورية.
ولهذا فإن على القوى الدولية الفاعلة الرافضة للسياسات الأميركية والغربية المتحالفة معها، وبالتعاون مع الدول المحاصرة والمتضررة، أن تتجه إلى استراتيجية جديدة تعتمد تدخلاً عاجلاً غير آجل، لتصحيح المسار المذكور ولجم الأنظمة العدوانية المارقة، وفرض قوة القانون الدولي، ولجم أصحاب الرؤوس الحامية ممن يحاصرون الشعوب لتحقيق أجنداتهم الاستعمارية، وقوامها الضغط والمحاسبة والمقاطعة، كي يوقفوا حصارهم، وبغير هذا سنرى أميركا مستمرة بمعاقبة وقتل المدنيين الأفغان باسم مكافحة الإرهاب، وستبقى تقتل السوريين وتحاصرهم وتعاقبهم، وستبقى تنتهك حقوق الإنسان في شرق العالم وغربه.