خلافاً للتوقعات الإيجابية التي طفت على السطح قبيل بدء الجولة السادسة من اجتماعات لجنة مناقشة الدستور في جنيف، إلا أن هذه الجولة انتهت “بخيبة أمل” على حد تعبير غير بيدرسون، لتُغيب بذلك جهود الوفد الوطني في العمل على إنجاح هذه الجولة، بفعل قوة التحريض الأميركي والتركي والصهيوني لبعض أدواتهم في الأطراف الأخرى، وهذا ما أشارت إليه طروحاتهم الهدامة لجهة دفاعهم عن كيان الاحتلال الصهيوني، وتشريع الاحتلالين التركي والأميركي، وتبرير العقوبات الغربية الظالمة لتضييق الخناق على الشعب السوري وتجويعه.
الثالوث الإرهابي ( الأميركي والعثماني والصهيوني) استبق انعقاد الجولة السادسة بجولة تصعيد جديدة لرفع سقف التفاوض، فجاء الاعتداء الصهيوني الغادر على منطقة تدمر انطلاقاً من قاعدة الاحتلال الأميركي في التنف قبل أربعة أيام من التئام المحادثات في جنيف، ليكون مقدمة لارتكاب أعمال إرهابية واستفزازية أثناء انعقاد الجولة بهدف التأثير على مجرياتها، ووأد أي احتمال لنجاحها ( التفجير الإرهابي بدمشق، جريمة اغتيال الأسير المحرر مدحت الصالح، تهديدات المجرم أردوغان بشن عدوان جديد، ودفعه للمزيد من التعزيزات العسكرية لحماية إرهابييه في إدلب)، وكل ذلك يدل على وجود نية مسبقة ترافقت مع تحضيرات منسقة من قبل أطراف الثالوث الإرهابي لنسف محادثات جنيف في جولتها السادسة، وتبديد أي أمل بتوقعات إيجابية تفضي إليها مخرجات هذه الجولة.
لجنة مناقشة الدستور هي جزء مهم من مسار الحل السياسي، والولايات المتحدة تعمد لسد نوافذ هذا المسار، في سياق مشهد الفوضى الذي رسمته للمنطقة للتغطية على انسحابها التدريجي، هي تريد استمرار الأزمة لإطالة أمد أدواتها الإرهابية والانفصالية، ونظام أردوغان أكبر الخاسرين من حصول أي توافق سوري-سوري لأنه ينهي أطماعه التوسعية، لاسيما وأنه بات تائهاً بين النفور الأميركي من سياساته، وبين العناد الروسي الرافض لاستمرار وجوده الاحتلالي والإرهابي في إدلب، والكيان الصهيوني يتخوف من إرساء قواعد اشتباك جديدة تتغير معها معادلات الردع، بما يسرع من عملية إنهاء وجوده الاحتلالي، على غرار تسريع وتيرة إخراج القوات الأميركية المحتلة من المنطقة على وقع تنامي قدرات قوى المقاومة.
من خلال تجارب الحوار السابقة، تبين بشكل واضح أن المشكلة تكمن في ارتهان بعض الأطراف الأخرى لأجندات الدول المعادية، فهذا البعض ما زال يرفض حتى الآن إدانة الإرهاب، أو حتى مجرد الإشارة للاحتلالين التركي والأميركي، ولم يزل يستجدي مشغليه لفرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري، والمفارقة أنه يصر على ادعاءاته بانتمائه لهذا الشعب!، فنجاح عمل اللجنة يتطلب قبل كل شيء أن تثبت بعض الأطراف الأخرى أنها شريك حقيقي في الحوار، وبأن ولاءها الأول والأخير للوطن، وعندها فقط تتشكل الأرضية المناسبة لتظهير الحل السياسي، الذي يرتقي إلى مستوى تضحيات السوريين، ويلبي تطلعاتهم ورغباتهم وحدهم.
نبض الحدث بقلم أمين التحرير ناصر منذر