الثورة أون لاين- عائدة عم علي:
قرن وأربعة أعوام على وعد بلفور المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وخلال كل هذه السنوات مارس العدو الصهيوني، وبدعم من دول الاستعمار الغربي، أشرس صنوف الإرهاب العنصري، مرتكباً مئات المجازر الجماعية بحق أبناء شعبنا، ومعتمداً سياسات الاقتلاع والتهجير والقهر والاستيطان والتهويد وتدنيس المقدسات وتغيير المعالم الأثرية وطمسها ولاسيما القدس المحتلة.
اليوم تواجه فلسطين معضلة أخرى هي تأييد الوعد المشؤوم، من خلال الانتقال إلى ضفة هذا العدو الإجرامي، وإقامة العلاقات معه، في تآمر مكشوف يرمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، ويستهدف القضاء على المقاومة والحقوق الفلسطينية.
وعد بلفور المشؤوم الذي كان أول وثيقة لسلطات الانتداب البريطاني تنذر بالنكبة الفلسطينية, لا يزال يمثل وصمة عار في جبين بريطانيا التي تخلت بموجبه عن مسؤولياتها كدولة انتداب على فلسطين, ومازال شعبنا الفلسطيني يدفع ثمن تلك السياسة الظالمة التي أدت لتشريده من وطنه وفي داخل وطنه.
تبعات هذا “الوعد” الكارثية لا تزال تلاحق الفلسطينيين على كل شبر من وطنهم وفي الشتات أيضاً، بعد أن صدرت وعود كثيرة لصالح الاحتلال، كان آخرها “صفقة القرن” التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصفقات التطبيع بين دولة الاحتلال وحكومات عربية وضعت على عاتقها تنفيذ جميع بنود “صفقة القرن” الترامبية واستكمال “وعد بلفور”.
ولم يأت عام 1948، وهو العام الذي أعلنت فيه بريطانيا عن إنهاء انتدابها على فلسطين، حتى كانت “إسرائيل” قد وضعت الأسس لإقامتها وإعلانها بشكل رسمي واعتراف الدول النافذة آنذاك بكيانها الجديد الذي أقيم على حساب أصحاب الأرض الذين تحولوا إلى لاجئين ومشردين بعد أن سلب وطنهم منهم.
إن إلغاء هذا الوعد وجميع مفاعيله الإجرامية لا يمكن أن تتم إلا بالمقاومة ومواجهة الأعداء بالحديد والنار، ولا ينفع في هذا المجال اعتذار بريطانيا على الجريمة التي ارتكبتها والتي استمرت مفاعيلها على مدى الأعوام ال104 المنصرمة قتلاً وتهجيراً وتشريداً واقتلاعاً, كما لا يمكن لاتفاقيات الذل والاستسلام أمام الكيان الصهيوني أن تعيد للفلسطينيين حقوقهم المغتصبة، بل إن الثابت على مر هذا الصراع الوجودي مع العدو الصهيوني، هو أن خيار المقاومة نهجاً وخياراً في مواجهة كل حلقات وعد بلفور ولتثبيت الحق, وطرد الاحتلال, وحده الكفيل بتحقيق المزيد من الانتصارات واستعادة الحقوق القومية كاملة غير منقوصة، والأهم أن ما يرعب الاحتلال الصهيوني هو ثقافة المقاومة.
وحتى لو استمر الاحتلال في تحويلِ هذا الوعد إلى كيان قائم على القسم الأكبر من أرض فلسطين، لكنّه فشل فشلاً ذريعاً في إلغاء الشعب الفلسطيني المناضل, لاسيما أن وعد بلفور ليس قدراً وعلى الشعب الفلسطيني مواصلة طريق النضال حتى تحرير آخر ذرة تراب من تراب وطنه، فقد قاوم غزوات استعمارية عديدة، وهو مصمم على مقاومة الغزاة الصهاينة فهذه معركته المصيرية وهو بالإرادة والتصميم سينتصر في معارك المصير والوجود.