الثورة أون لاين – دينا الحمد:
قرن ونيف على الجريمة النكراء التي قامت بها بريطانيا بحق الشعب الفلسطيني، حين منحت فلسطين لليهود بشكل مخالف لكل القوانين الدولية، قرن ونيف ومازال الغرب، وفي مقدمته بريطانيا والولايات المتحدة، يصرون على انتهاك القانون الدولي ودعم الكيان الإسرائيلي بالمال والسلاح وبمزيد من الوعود، وأولها وعدهم له بإتمام ما يسمى “صفقة القرن” التي تريد طمس حقوق الشعب الفلسطيني وشطبها نهائياً من القاموس السياسي الدولي.
لقد شكل وعد بلفور المشؤوم أكبر جريمة في العصر الحديث، لأنه كان أكبر ظلم وقع على شعب عبر التاريخ، وهو الشعب الفلسطيني، فقد تسبب الوعد المذكور بتشريده في كل أصقاع الأرض وإحلال يهود الشتات محله واستيطانهم في أرضه.
ولو حاولنا قراءة آثار الوعد المشؤوم الكارثية لوجدنا أنها مازالت تتوالى حتى يومنا الراهن، فالاحتلال الإسرائيلي ما زال مستمراً نتيجة قرار الشؤم المذكور، والاستيطان الجاثم على الأرض الفلسطينية ما زال يتوسع عمودياً وأفقياً بسببه، واللاجئون الفلسطينيون ما زالوا مشردين ومشتتين خارج ديارهم في مخيمات اللجوء كأحد نتائجه المباشرة.
لكن رغم كل العدوان والإرهاب والاحتلال الذي خلفه هذا الوعد المناقض لكل الأعراف والقوانين الدولية فإن الشعب الفلسطيني مازال يقاوم آثاره المدمرة حتى يومنا الراهن، ومازال يقاوم لرفع هذا الظلم التاريخي عنه، حتى عودته إلى دياره التي هجر منها عام 1948 طبقاً لما ورد في القرار 194.
لكن المجتمع الدولي، وفي مقدمته بريطانيا التي أنتجت هذا الوعد المشؤوم، ما زال يتجاهل الجريمة النكراء بحق فلسطين المحتلة ومازال يرفض الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس، وما زال العالم يتفرج على مأساة الشعب الفلسطيني ويرفض تحمل مسؤولياته تجاهه ويتخاذل عن نصرة قضيته العادلة.
ومن يقرأ طبيعة الآثار الكارثية التي خلفها وعد بلفور وراءه لوجدنا أنها طالت كل منطقتنا، بل أثرت على العالم كله، وعلى تحالفاته السياسية، فقد عانت شعوب المنطقة قاطبة من أثاره كما عانى الفلسطينيون، وعانت شعوب المنطقة من السياسات الاستعمارية لحكومات بريطانيا المتعاقبة ودورها الهدام في تقسيم المنطقة وإصدارها وعد بلفور وكذلك اتفاقية سايكس بيكو التي قسّمت المنطقة العربية إلى دويلات ضعيفة.
ولعل قراءة سريعة وعاجلة في سياسة الغرب الاستعماري اليوم تؤكد أنها ماضية على خطا وعد بلفور المشؤوم، فهي ترتكز على محاولة تصفية القضية الفلسطينية ووأد حقوق الشعب العربي الفلسطيني تحت عناوين زائفة مثل السلام والازدهار في المنطقة، لكن إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني ودول محور المقاومة وواسطتها سورية ستطوي كل أحلام الطامعين والمستعمرين مهما بلغت التضحيات.