المرأة في الدراما التلفزيونية

الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:

تمتلك الأعمال الدرامية قدرة كبيرة على التأثير ، هذه القدرة التي عرف المبدعون الرواد سرها ووجهوا الكثير من أعمالهم عبر مسارها ، طارحين موضوعات تناولت مختلف مناحي الحياة فجاءت غالبية أعمالهم محرضة للفكر حاملةً جرعة من التوعية والتنوير ومعززة لمجموعة من المفاهيم والقيم ، ولدى العودة إلى ما تم إنتاجه في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي نتتبع أعمال عالجت قضايا كانت محط أنظار المجتمع آنذاك وتلامس عمق مشكلاته كالتعليم ومحو الأمية والتنمية والإرث والثأر والمقارعة بين العلم والدجل ، وكان للمرأة حصة في ذلك كله وحضور يعكس حقيقة دورها ومكانتها في المجتمع ، لا بل إن أعمالاً تعود لزمن الأبيض والأسود قدمت المرأة بجرأة فجاءت ملاصقة للواقع ، وتنوعت هذه الصورة من المرأة المستكينة لواقعها والمظلومة إلى المرأة التي احتلت مكانتها في المجتمع وكان لها فيه دور فاعل ومؤثر ، ويمكن أن ينجر هذا الكلام إلى ما تم إنتاجه في نهاية القرن الماضي وبدايات القرن الحالي .
ولكن انحرافاً خطيراً تسلل إلى آلية التعاطي مع القضايا المتعلقة بالمرأة بحجة تقديم المختلفة والأكثر جرأة وكسر التابوهات وتسليط الضوء على المسكوت عنه ، فظهرت أعمال حملت بين حناياها موضوعات لا تعبّر عن المجتمع ككل وإنما اجتزأت حالات شاذة تحمل جرأتها الفاقعة لتكون هي الواجهة التي تُقدم من خلالها اعمالا حاولت جذب المشاهد بأي وسيلة . هذا الأمر الذي بدأ ببطء عبر أعمال قليلة ما لبثت أن احتلت مكاناً لها على الساحة ساعية إلى تكريس صورة سطحية وصلت حد الوقاحة أحياناً ناسفة الكثير من الأعراف والبديهيات لتعيش غربتها عن الواقع مشوهة الصورة الحقيقية للمرأة ومنتصرة للمنحى التجاري على حساب المنحى الإبداعي والجمالي والإنساني ، فتحوّلت المرأة بكل ما حققته من إنجازات وما احتلته من مواقع المسؤولية المختلفة إلى مجرد امرأة مُختصرة بقوالب جاهزة تتلاءم مع ما يريده المنتج صاحب رأس المال (المنتج الحقيقي) وما يوجه المُعلن لإنجازه وفق عقلية غالباً ما تكون نهمة للربح مرتهنة لمتطلبات السوق ، فأنتِجت أعمالاً شوهت صورة المرأة لصالح تقديم وجبة مليئة بالبهارات الجاذبة التي ارتفعت فيها نسبة الإثارة والأكشن بحجة التشويق الدرامي ، حيث ظهرت المرأة فيها بأطر وقوالب فارغة المضمون وهناك أعمال حصرتها في قمقم الشكل الخارجي فقط .
هذه الصورة العامة لا تلغي وجود العديد من الأعمال الهامة التي احترمت عقل المشاهد وأظهرت الصورة الحقيقية للمرأة فسعت إلى دخول عوالمها الحقيقية والغوص في مكنوناتها وملامسة مشكلاتها بجدية ومسؤولية مظهرة دورها في المجتمع ، فهي صاحبة فكر وجندية تحارب الإرهاب ولها دورها في المقاومة الوطنية ضد المُحتل ، هي قاضية ومحامية وكاتبة ومفكرة وطبيبة وصاحبة منتديات أدبية وثقافية وأم تبني العائلة المتماسكة الواعية والمثقفة ، هي أم وأخت وزوجة شهيد أو مُصاب حرب ، عانت من التهجير والفقد وقدمت الكثير من التضحيات ، وبالتالي أمام هذه الصورة بكل ما تحمل من تفاصيل لا بد أن يتم تكريس حضورها في الأعمال الدرامية أكثر فأكثر وتسليط الضوء على دورها ومساهمتها في عملية البناء ، مما يفتح الباب أمام الكثير من الموضوعات التي تلامس المجتمع بكلا قطبيه الرجل والمرأة معاً ، وضمن هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أهمية التماشي مع تطور العصر وما يحدث من تغيير في آلية العرض ودخول الانترنت كخيار متقدم في أسلوب المُشاهدة من خلال المنصات والمواقع المتعددة التي تعرض الأعمال الدرامية ، والتي تتطلب عقلية جديدة ومختلفة في طريقة تناول الموضوعات ومعالجتها ، وليكون لنا موطئ قدم على الساحة اليوم لا بد من حلول ناجعة ، قد يكون منها تفعيل مقولة (الجيد يطرد السيئ) بحيث يُنتقى عمل أو اثنان يكونان الأهم والأميز ويُكافآن بمنحهما السعر الأعلى لدى العرض على الشاشة السورية تشجيعاً لمستواهما المختلف والمرتفع ، الأمر الذي من شأنه تحريض الآخرين للحصول على هذه الفرصة في المواسم القادمة .

آخر الأخبار
جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة"