الثورة أون لاين – ريم صالح:
قيل قديماً: “لا يوجد غذاء مجاني”، أي لا يوجد شيء بدون سبب أو دافع، سواء كان ناجماً عن صدق النيات، أو خبثها وسوئها، لذلك ومن هذا المنطلق لنا أن نسأل عن المبرر، أو الغاية التي يرتجيها نظام أردوغان من خلال فضحه، ومن خلال شاشات تلفزته الرسمية للعلاقة الوثيقة بين المخابرات الفرنسية، وتنظيم “داعش” الإرهابي عبر ما يسمى برنامج “المصنع”، وكيف عملت فرنسا على دعم التنظيم الإرهابي في سورية، مع العلم أن هذه العلاقة تثبتها أكثر من نصف مليون مستند ووثيقة، والتي تطلبت بحسب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون التركي، المدعو محمد زاهد صوباجي، عمل متواصل استمرّ لمدة عامين، جرى خلاله فحص دقيق لهذه المستندات والوثائق.
على ماذا يراهن اللص أردوغان هذه المرة؟، بل ماذا يريد من خلال برنامج “المصنع”؟، وما هي الرسالة التي يريد إيصالها لشريكه الفرنسي بدعم الإرهاب أولاً، ولمنظومة العدوان على سورية ثانياً، وللمؤسسات الأممية ثالثاً، وللشارع التركي رابعاً، وللسوريين خامساً وأخيراً؟.
الغريب أن سلطان الوهم البائد يتصرف وكأنه حريص على السوريين، وغيور على مصالحهم، بينما الحقيقة تؤكد وبالوثائق والمستندات أيضاً أنه لا يختلف عن المستعمر الفرنسي في شيء، فكلاهما أي التركي والفرنسي أمعنا وأوغلا في دماء السوريين ونهب ثرواتهم، وإن كان كل على طريقته، كذلك فإن كلاهما وضعا أيديهما بأيدي إرهابيي تنظيم داعش، وأجريا مع متزعمي التنظيم صفقات إرهابية، وإجرامية، ونهبوية لا تعد ولا تحصى.
وبالأرقام والتواريخ فإنه كُشِف لأول مرة عن تفاصيل العلاقة المشبوهة التي تجمع شركة “لافارج” الفرنسية لصناعة الإسمنت وتنظيم داعش الإرهابي عام 2016 حيث أنه وبحسب الوثائق والتقارير حينها فإن باريس كانت تستخدم شركتها “لافارج” لصناعة الإسمنت في سورية، كواجهة لدعم التنظيم الإرهابي، وعرضت عدة مواقع الكترونية مجموعة مراسلات ومستندات ووثائق لمؤسّسات فرنسية، تُظهِر اطّلاع باريس على العلاقة القائمة بين شركة “لافارج” النشطة في سورية و”داعش” الإرهابي، وأيضاً وثائق تثبت عِلم الاستخبارات الفرنسية بتمويل شركة “لافارج” لتنظيم “داعش” الإرهابي بالإسمنت.
أما على الناصية التركية فقد سبق لموقع “نورديك مونيتور” السويدي، أن نشر تقريراً يحوي وثائق مسربة عن نشاط المخابرات التركية، من ملفات المحكمة الجنائية العليا الثالثة والعشرين في أنقرة، وكشف التقرير أن الانفجارات التي وقعت في بعض المستودعات العسكرية التركية، تم تدبيرها لمحو آثار الأسلحة التي قدمتها حكومة أردوغان، إلى تنظيم داعش الإرهابي وفقاً لإفادة وشهادة الرائد أحمد أوزجان، رئيس مركز التقييم الاستخباري، في المخابرات العسكرية التركية، أمام المحكمة، على مدى جلسات متعددة.
والجدير ذكره هنا أن الوثائق، التي نشرها الموقع، أظهرت أن المخازن التي جرى تفجيرها بقصد التمويه، توزعت ما بين المدن التركية أفيون وأورفا، ومواقع في الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا شمال جزيرة قبرص.
كما وأظهر التقرير أن تزويد نظام أردوغان، لإرهابيي داعش، بالأسلحة لم يكن سرّا، ففي 2014 نشرت صحيفة “طرف” التركية أنه تم العثور على ذخيرة تحمل علامة التصنيع التركية الرسمية، على ذخيرة تنظيم داعش الإرهابي، الأمر الذي أدى إلى إغلاق الصحيفة واعتقال رئيس تحريرها.
واتسعت قائمة تسريبات المحكمة، لتشمل تحقيقاً جنائياً فُتح عام 2013، كشف أن الإرهابيين حصلوا من تركيا على مكونات لإنتاج غاز السارين.
وللعلم فإن نظام أردوغان الانتهازي لم يكتف بتزويد إرهابيي داعش بالأسلحة الفتاكة، وبغاز السارين السام لتنفيذ هجمات كيماوية على الأراضي السورية، وإلصاق التهم ببواسل الجيش العربي السوري، وإنما كان يعالج أولئك الإرهابيين في مشافي بلاده، كما أنه عقد معهم الكثير من صفقات نهب النفط والغاز السوري، الأمر الذي وثقته أيضاٌ وزارة الدفاع الروسية عندما اتهمت عائلة الرئيس التركي رجب أردوغان بالضلوع بشكل مباشر في تجارة النفط مع جماعة تنظيم “داعش” الإرهابي، الأمر الذي لم يتمكن أردوغان إلى الآن من إنكاره أو الإتيان بما ينفي هذه الجريمة النكراء.
المؤكد لنا جميعاً أن التركي والفرنسي وجهان لعملة إرهابية عدوانية واحدة، وهما بشكل أو بآخر يتبادلان الأدوار المرسومة لهما أمريكياً فيما بينهما، دون أن ننسى الدور الصهيوني الذي لا يقل عنهما في مستوى قذارته، ودونيته الأخلاقية والإنسانية.
ولكن على ما يبدو فإن نظام الفاشية التركي يتوهم أن بفضحه لمنافسه في اللصوصية ودعم الإرهاب الفرنسي، أنه قد يبرىء صفحته الملطخة بدماء السوريين، متعامياً عن أن حقيقته البشعة لا يمكن لكل مساحيق التجميل السياسية، والدبلوماسية، أن تخفيها أو تجملها حتى.
السابق