قبل يومين، اعتمدت الأمم المتحدة خمسة قرارات لصالح القضية الفلسطينية، تؤكد جميعها على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وجاء اعتماد هذه القرارات بعد يوم واحد من اجتماع مجلس الأمن الذي عبر عن مواقف مماثلة، وهذا يعني أن ثمة إجماع دولي على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف جرائمه، وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ولكن أين هو المجتمع الدولي إزاء تنصل الاحتلال من الالتزام بتلك القرارات وعدم تنفيذها؟.
احترام القوانين الدولية والمواثيق الأممية، وصون السلم والأمن الدوليين، هي في صلب عمل الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها المتعددة، ومجلس الأمن تقع على عاتقه المسؤولية الأساسية في هذا الشأن، ولكن المشكلة المستعصية تكمن دائماً في ترجمة القرارات الدولية على أرض الواقع، ليس بما يخص القرارات المتصلة بالقضية الفلسطينية وحدها، وإنما بالعديد من القرارات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابعه، وإلزام الدول الراعية له بالتوقف عن دعمه وتمويله، فمثل هذه القرارات ما زالت حبيسة الأدراج الأممية بفعل سياسة التسييس والتلاعب، وازدواجية المعايير التي تنتهجها الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن، والتي تحاول استبدال قواعد القانون الدولي، بقانون شريعة الغاب الأميركي.
رغم صدور العديد من القرارات الدولية لمصلحة القضية الفلسطينية، إلا أن الولايات المتحدة تسعى بكل إمكانياتها لتصفية هذه القضية، ونسف الوجود الفلسطيني من الأساس، وهذا ما نلاحظه من خلال (صفقة القرن) التي روجت لها إدارة ترامب السابقة، فعملية السلام المطروحة منذ أكثر من عشرين عاماً على سبيل المثال، تستند في أقل تقدير إلى مرجعيات وأسس حددتها قرارات مجلس الأمن الدولي، بينما لم تحظ (مؤامرة القرن) بأي إجماع دولي، وتستند فقط إلى قانون شريعة الغاب الذي تحاول واشنطن تعويمه كبديل للمواثيق الأممية التي تحكم العلاقات الدولية.
الأمر ذاته ينطبق على القرارات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابعه، ومساءلة الدول الممولة له، حيث سبق لمجلس الأمن وأصدر العديد من القرارات بهذا الشأن، ولكن ماذا فعل هذا المجلس للقضاء على الإرهاب، وما الإجراءات الرادعة التي اتخذها بحق الدول الداعمة له؟، فالواقع يشير إلى أن هذا المجلس لم يفعل شيئاً من هذا القبيل، وما يعانيه الشعب السوري من مآس وويلات بفعل هذا الإرهاب دليل صارخ على تنصل هذا المجلس من مسؤولياته بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، والسبب يكمن في أن هذا المجلس ما زال رهينة بيد الدول الغربية، وبينها دول دائمة العضوية (أميركا وفرنسا وبريطانيا)، وهذه الدول من أبرز الداعمين والممولين للتنظيمات الإرهابية التي عاثت إجراماً وخراباً في سورية.
توحيد الجهود الدولية لمواجهة سياسة الهيمنة الغربية على الهيئات والمنظمات الدولية، باتت ضرورة ملحة من أجل أن ينعم العالم بمستقبل آمن، وبغير ذلك ستبقى القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، وهيئات الأمم المتحدة قيد وقف التنفيذ، ولن تجد طريقها نحو التطبيق الفعلي على أرض الواقع.
كلمة الموقع – ناصر منذر