الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
يدرك أكثر الخبراء والمهتمين بالعلاقات الصينية الروسية جيداً أن معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي بين جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي، هي معاهدة استراتيجية لمدة عشرين عاماً وقعها قادة البلدين في تموز 2001، كان من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في شباط 2022.
ومع ذلك، فإن نهاية هذه الاتفاقية الرسمية بين الصين وروسيا لم تكن على رادار معظم الخبراء الإقليميين (المفترضين)، ولا المنظمات الإعلامية الغربية السائدة، حتى تم الإعلان في 28 حزيران خلال مكالمة فيديو بين الرئيسين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ أن المعاهدة ستمدد لمدة 5 سنوات أخرى.
هناك قيمة في دراسة الشراكة المتنامية بين الصين وروسيا بهدف تحديد ما سيحققه النصف الأخير من عام 2021 لهاتين القوتين العظميين في حين أن عام 2020 سيتم تسجيله دائماً في كتب التاريخ باعتباره أحلك عام لوباء Covid-19 المدمر، فمن المرجح أن يُرى وصول عام 2021، الذي كان يحمل وعداً أكثر من أي عام آخر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كخيبة أمل كبيرة، مع استمرار الوباء في تدمير مواطني العالم واقتصاداته.
ونظراً لأننا الآن (أخيراً؟) نبدأ في الخروج من عمليات الإغلاق ونتعلم كيف نعيش مرة أخرى، وبينما تحاول الولايات المتحدة إثبات هيمنتها دولياً، من المرجح أن يبحث الجانبين الصيني والروسي فرص تجديد شراكتهما الاستراتيجية.
لكي نكون واضحين، فإن الخروج من الخراب الاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب مساحة كبيرة من العالم بسبب جائحة كورونا سيكون تحدياً هائلاً حتى لأكثر مجتمعات واقتصادات العالم مرونة.
فقد عانى الشعب الصيني بشكل كبير خلال الأيام الأولى للوباء، ولكن بحلول النصف الأخير من عام 2021، أصبح من الواضح أنه بينما لا تزال الصين تواجه تحديات هيكلية وعدداً من النزاعات التجارية، فمن المرجح أن تكون البلاد من أسرع دول العالم بالتعافي تماماً من الآثار السيئة للوباء.
في المقابل، فإن الآثار طويلة المدى على الاقتصاد الروسي، وآفاق الانتعاش النهائي هي أقل وضوحاً، على الرغم من قناعة الجميع أن الرئيس بوتين لن يسمح لبلاده بأن تعاني، وسوف يفعل كل ما هو مطلوب لإنقاذ الاقتصاد الروسي، فماذا تعني هذه المسارات المتباينة للتعافي بالنسبة للعلاقة بين هذين البلدين وهما يسعيان لتجديد معاهدة استراتيجية بينهما تم توقيعها قبل عشرين عاماً، في حين لم يكن بإمكان أحد توقع أحداث العشرين شهراً الماضية؟.
كان من الممكن الحفاظ على مواد المعاهدة التي تركز على التعاون الدفاعي والعسكري بشكل عملي طالما اتفق الجانبان على أنها تظل مفيدة، ومن غير المرجح أن يتغير موقف روسيا فيما يتعلق بتايوان (أي أنها تظل جزءاً من الصين).
بالإضافة إلى ذلك فقد تحولت التبعيات الاقتصادية والعسكرية التي كانت موجودة عند توقيع المعاهدة بشكل كبير في السنوات العشرين الماضية بحيث لم يكن من المرجح أن يُنظر إلى تجديد المعاهدة على أنه ضروري بخلاف خدمة بعض الاحتياجات الرمزية في مواجهة العدوان الغربي المتزايد.
كما أشار جوناثان إي هيلمان، مدير مشروع إعادة توصيل آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، بدقة أنه في حين أن العلاقة بين الصين وروسيا ستستمر في الانحراف لصالح الصين، فإن الشريكين الاستراتيجيين لن يتوقفا عن احتياج بعضهما البعض لتحقيق أهدافهما، على الصعيدين المحلي والعالمي. وبينما يتضح هذا الواقع بشكل خاص من وجهة النظر الاقتصادية، فمن الواضح أيضاً أن الصين وروسيا لديهما الكثير لتكسباه من تحالفهما المستمر في مواجهة تأثير القوى الغربية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. إن المضي بمفردها ضد مثل هؤلاء الأعداء الأقوياء (على الرغم من ضعف الناتو في السنوات الأخيرة) أقل جاذبية بكثير من وجود شريك موثوق به في الزاوية.
سيكون المبلغ الذي ترغب الصين بإنفاقه لدعم روسيا في التعافي بعد الوباء، وكذلك في رأس المال السياسي، مؤشراً واضحاً على أن البلدين راغبين (وقادرين) على مواصلة السير جنباً إلى جنب في نفس الاتجاه الذي يخرج فيه العالم من الوباء. وفي حين أن روسيا ستستفيد دائماً من الشراكة غير المتكافئة، فإن الصين لا تزال منخرطة في نزاع تجاري مع رئيس أميركي يواصل (على الأقل من بعض النواحي) انتقاده وعداءه للصين مثل سلفه ترامب.
بعد كل ذلك، ليس هناك شك في أنه في عام 2022 وما بعده، ستستمر الشراكة الاستراتيجية بين الصين وروسيا في التطور بما يتجاوز الشروط المنصوص عليها في معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي. وما يتبقى هو كيف سيسعى كل شريك إلى تعظيم عائداته على الاستثمار في العلاقة، ونظراً لأن معظم العالم ينتظر بشدة أن يلفظ الوباء أنفاسه الأخيرة، ربما تكون الصين وروسيا أكثر المهتمين بتحقيق هذا الأمر في العام المقبل.
المصدر: Global Research