قصائدٌ عشقت «قباني».. وتقاربتْ مع «بوشكين»

الملحق الثقافي:عبير منون:

«لم أكن أعلم».. مجموعة شعرية للدكتور «عادل مرعي»، أحببتُ أن ألقي بعضاً من الإضاءات على بعض القصائد التي لفتت نظري فيها، وكانت موضع إعجابي واهتمامي.
العتبة النصّية، هي أوّل ما لفت نظري في المجموعة، ذلك أنها وكما نعلم، بنية لغويّة تتصدّر النصّ وهو جزءٌ عضويّ، ذو دلالةٍ رمزيّة عميقة، بوصفه النواة التي بنى الشاعر عليها نصّه. حيث تطابقَ عنوان المجموعة، مع مضمون نصوصه، وذائقة من قرأه، وقد وفِّق في كشف موضوعات قصائده من خلال العنوان المذكور، وإضاءة ما في داخل القصيدة، رغم بساطة العنوان.
لامستُ العلاقة الجدلية ما بين الشاعر والكلمات، ذلك أنه حوّلها من حروفٍ ذات معنى، إلى قصيدةٍ حركية ذات طابع جوهريّ، تمتد على مساحاتٍ كبيرة من الواقع، فهي الحروف المنثورة على المحيط، وهي اللؤلؤ وهي الطين والفخار.. الأجمل من هذا، أنها شيدت المنازل والأوطان، فكم هو عظيم التعريف بقوّة الكلمة والحرف، لتستوعب الافتتاحية الصغيرة الكون برمته.
في بعض القصائد، ولاسيما الغزلية، هناك وضوحٌ تام فيما تناوله «مرعي» الذي اعترف بعشقه للشاعر «نزار قباني»، وهو ما اتّضح في قصيدته «يا امرأة»، التي تشابهُ بأفكارها، وثروتها الحرفية، قصيدة «قباني» «زيديني عشقاً».
«يا امرأة ينامُ تاريخي في أحضانها/ ويشعُّ بريق ذكرياتي من أحداقها …
يا امرأة توقّف زمني عند سوادِ عينيها/ واحترقت كلّ أحلامي على لهيبِ شفتيها»..
لقد قرأتُ تناغماً وانسجاماً بين النّصّ والشاعر في إطارٍ دلاليّ كبير، يستقطبُ المحورَ الذي يتوالد ويتنامى، ويعيد إنتاج نفسه.
قصيدة «عشق الأنثى» بنصها المُوجَز المكثّف، خالفت التوقّعاتِ المرجوّة منها، لأن القصيدة لا تبوح بمكنونِ شاعرٍ واحد، أو إنسانٍ واحد، بل تتحدّث عن حالِ كلّ عاشق، فكلمة عشق تعني عشق الرجال، وكلمة أنثى تعني كلّ النساء، وبذلك يكون الشّاعر قد قصدَ أنثى غير محددة :
«عندما تعشقُ الأنثى تغيّرُ قوانينَ العالم
تغيُّر مجرى الأنهار.. تنقلُ الجبال
تقبضُ على الكونِ بيدها
تفجّرُ البراكين، تثير الزلزال»..
أما قصيدة «أريد رجلا» فقد غرّدت خارج السرب، لأنها تتحدّث عن صفات فارس أحلام امرأة، بدأ الشاعر أشطر أبياته عنها بكلمة حتمية، وهي الفعل المضارع «أريد»، وتكرّرت هذه الكلمة في أغلب الأبيات، لتضفي عنصر القوة عند المرأة والتأكيد على ما تريد: أريدُ رجلاً ليس ككلِّ الرجال.. أريدُ رجلاً من الواقع وليس من قصص الخيال..»
نجد بنية البيت في قصيدة «لم أكن أعلم»، تشكّل بناءً فنّيّاً يقترن فيزيائيّاً مع الواقع، ويستثير خيال القارئ، ففيها يتشابك المعقول مع المستحيل، الذي يعلن عدم إمكانيّة التحقّق.
يمكن القول، إن الشاعر «عادل مرعي» كتب قصائده من محيط الحياة الممزوجة بمشاعرٍ رقيقة إنسانية، لتنساب حروفه البسيطة على الورق بمنتهى الوضوح، غير مكلفة وواضحة المعنى، وناسجة للمشهد الدرامي المقروء، دون معاناة، ما يُظهر مغامراته مع حروفه في مشهديةٍ تزيدها بعض الضبابية المحمولة جمالاً، وقد وجدت بعض التقارب بين أشعاره وأشعار الشاعر الروسي» ألكسندر بوشكين» وخصوصاً في قصيدة «حلم»:
«صحوتُ ذات صباح ..
فوجدتُ عمري في الخمسين
لا أعرف كيف حدثَ هذا
وكيف مرّت، كلّ تلك السنين
لابدّ أنه حلمٌ.. فأنا لازلتُ في العشرين..».
يكمن التقارب هنا، في قول «بوشكين»:
لم أعدْ بالعاشقِ المُغرم
غارَ ذاكَ الضوءُ منّي
فلقد ولّى ربيعي
ثم ولّى صيفي الأحمر عني
كلُّ شيءٍ منتهٍ
حتى الأثر ..
آهٍ.. لو أُخلقُ يوماً من جديد».

التاريخ: الثلاثاء23-11-2021

رقم العدد :1073

 

آخر الأخبار
إعادة الأموال المنهوبة… بين البعد السياسي والاقتصادي لإعمار سوريا  الدفاع المدني يجدد المطالبة بالإفراج عن حمزة العمارين المختطف في السويداء  الداخلية العراقية تنفي رواية روجها "الحشد الشعبي" بوقوع اشتباكات مع مسلحين على الحدود السورية  وزير المالية: ما تحقق في المعرض إنجاز وطني كبير  إغلاق تراخيص التأمين والتمويل العقاري  الجامعة العربية تدين التوغلات الإسرائيلية وتؤكد دعمها لوحدة سوريا واستعادة الجولان  سوريا في قلب أزمة جفاف غير مسبوقة تهدد الأمن الغذائي  "فورين بوليسي": الشرع أمام اختبار إعادة بناء سوريا  صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية