الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم:
للعام الخامس تُبسط الهيئة العامة السورية للكتاب يدها للمواهب المبدعة من خلال فتح باب المسابقة الأدبية للعام (حنا مينه للرواية- سامي دروبي للترجمة- عمر أبو ريشة للشعر- القصة القصيرة الموجهة إلى الطفل- حفظ الشعر العربي)، وهي بالأمس كرمت الفائزين في المراتب الثلاث ولجان التحكيم في مكتبة الأسد الوطنية، ليست محض صدفة أن ترعى وزارة الثقافة الأدب بأنواعه بل فعلت على مدى ثلاثة وستين عاماً منذ تأسيسها، ففي رحاب أيام الثقافة التي نحتفي بها تحت عنوان ” الثقافة أصالة وتجدد”، أكدت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح بعد تكريمها للفائزين وتقديمها شهادات التقدير أن تلك المسابقات ليست حديثة العهد بل أطلقت منذ سنوات عدّة تشجيعاً للإبداعات الأدبية بكل أجناسها للحثّ على الكتابة بلغة عربية سليمة، لما لهذه اللغة من دور في الحفاظ على وحدتنا، وأهمية أن تدعو الموضوعات المُقدمة إلى التفكير، وزرع قيم الوطن، والانتماء، وقد أشرف على المسابقة أعضاء لجان التحكيم من خيرة الأدباء السوريين الذين تركوا بصمة مهمة في نتاجاتهم الإبداعية، وأن وزارة الثقافة “الهيئة السورية للكتاب” تطبع الأعمال الفائزة في المسابقة كي تبصر النور ويقرؤها الجميع.
لم يكن عدد الأعمال المشاركة في المسابقة ملفتاً مقارنة بالسنوات السابقة، لكن النوعية كانت مميزة، ما صرح به مدير الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور ثائر زين الدين “للثورة”: “نحتفي بنوعية مهمة وجيدة من الأعمال وهو ما سينهض بالمشهد الثقافي والسوري ودعم الأصوات الجديدة التي قد لا تجد من يقف إلى جانبها، وإن الجوائز الأدبية مهما بلغت أهميتها المعنوية وقيمتها المالية لا تصنع مبدعاً واحداً، لأن المبدع يولد وهو يحمل جينات الإبداع، ثم تأتي الجوائز فيما بعد لتمنحه بعض حقه، ولتعكس رقي المجتمع الذي تنتمي إليه في المجالات المختلفة وطريقة نظره إلى المبدعين من أبنائه”.
حازت رواية ” موعد مع الشمس” المرتبة الأولى في مسابقة حنا مينه للرواية وفي حديث للثورة بين كاتبها الروائي محمد أحمد الطاهر أن الرواية كتبت في زمن جائحة كورونا تتحدث عن شاب سوري مغترب يتعرض للكثير من المحاولات للتنازل عن مبادئه الوطنية إلا أنه أبى وبقي سوري الهوى، أما المرتبة الثانية نالتها الروائية نداء حسين عن روايتها “أولغا”، بينما حصلت على المرتبة الثالثة رواية “الهوْتة” للروائية نجاح إبراهيم.
في حين أكدت لجنة تحكيم الرواية في تقريرها والذي ترأسها الدكتور عاطف بطرس أن القيم المعتمدة في تقييم أي عمل روائي، قد يختلف النقاد فيه، منهم من يختار الشخصية ومنهم اللغة ومنهم البنية الروائية، وبين الدكتور بطرس ” للثورة” أن كل ما ذكر هو أسّ بناء الرواية، وأن الأعمال المقدمة متفاوتة المستوى وقد استطعنا استخلاص الأكثر تميزا وفق معايير الرواية، ويجد أن الرواية السورية مبشّرة وواعدة وسورية ولاّدة ولا ينضب معينها في العطاء رغم حدة الظروف القاسية والأمل المقرون بالتعب والجد والإخلاص والذي ترجمته الأعمال المقدمة والفائزة.
بينما حاز الشاعر جابر أبو حسين عن جائزة “عمر أبو ريشة للشعر” على المرتبة الأولى، وكما أوضح للثورة أن قصيدته ” اشتعال القرنفل” الفائزة من نوع التفعيلة وتدخل في مضمار الحداثة، وتتناول مبادئ الوطن والحبّ وكل ما يشتعل في داخله من مشاعر وهواجس، أما الجائزة الثانية استحقها الشاعر فرج الحسين عن قصيدته “تراتيل الغربة”، وكانت الجائزة الثالثة من نصيب الشاعر محمود عزيز إسماعيل عن قصيدته “دمشق عمود السماء” والذي صرح للثورة أن القصيدة من النوع العمودي ومن البحر الطويل تختزل سورية كما يراها كل عاشق لترابها.
وفي تقرير لجنة التحكيم لمسابقة الشعر أشار الشاعر صقر عليشي إلى أن هذه المسابقات تخدم الشعر وتحفز الإبداع عند المواهب الشابة، وبيّن أنه قُدم إلى اللجنة مجموعة من القصائد متفاوتة في الجودة متعددة في أشكالها الشعرية.
أما مسابقة القصة القصيرة الموجهة للطفل، نالت الكاتبة أروى شيخاني عن قصة “مغامرات رسمة” الجائزة الأولى، والجائزة الثانية مناصفة بين الكاتبتين انتصار بعلة عن قصة “عيد ميلاد جميل”، وقصة “رجل الثلج الطيّب” للكاتبة سلوى أسعد، أما الجائزة الثالثة للكاتبة والزميلة ميس العاني عن قصة ” رحلة ماسة إلى مدينة الثلج”، وفي تصريح “للثورة” بينت العاني أن الفوز هو بداية مرحلة جديدة في عالم القصة، وهو ما يدفعني للقراءة وتعزيز القيم التربوية والأخلاقية في مضمون القصة الموجهة للطفل.
في حين كان هناك استسهال في القصص المقدمة للمسابقة برأي عضو لجنة التحكيم في مسابقة أدب الأطفال الكاتبة أميمة إبراهيم في تصريحها “للثورة” أن بعض الأعمال المقدمة لم يكن مكتمل العناصر وإن ما تم اختياره هو الأفضل، وتمنت ألا يتم الاستسهال في أدب الأطفال فمن المهم مراعاة عناصر التشويق، الحبكة، السرد
الممتع والمفردات الأقرب للطفل، فالرسالة التوجيهية التي تقدمها القصة غير مباشرة وهو ما يجعل هذا الأدب السهل الممتنع. وهو ما أكده مدير منشورات الطفل الشاعر قحطان بيرقدار عضو لجنة التحكيم.. وفي تصريح للثورة بين أنه تمت دراسة مفصلة للقصص المشاركة في مستواها الفني واللغوي والفكري وجماليات الكتابة، مع التأكيد على الرسالة الموجهة للطفل من الناحية التربوية والتوجيهية، وقد تنشر القصص الفائزة في إصدارات مديرية منشورات الطفل لأنها تستحق.
وعن جائزة “سامي الدروبي للترجمة” نال الجائزة الأولى المترجم حسن إسبر عن عمله “المهيمن الخاسر” والتي كانت عن اللغة الإنكليزية، أما الجائزة الثانية للمترجم زياد العوده عن عمله “الترجمة والثقافة” وهو عن اللغة الفرنسية، الجائزة الثالثة: للمترجمة نتالي طربوش عن عملها “عجائب مذهلة” وهي عن الإنكليزية، وتحدث عضو لجنة التحكيم الدكتور غسان السيد عن المعايير التي ارتأتها اللجنة وهي دقة الترجمة، وروح النص والصياغة العربية، بالإضافة إلى دقة الترجمة منوهاً إلى حساسية هذه النقطة لأنه لوحظ في الفترة الأخيرة اعتماد قسم من المترجمين على محرك البحث غوغل في الترجمة، وقد تنوعت الموضوعات ما بين السياسي والثقافي وتاريخ الأدب.
وفي مسابقة “حفظ الشعر العربي” نال المرتبة الأولى محمد أسعد عزّ الدين طالب، والمرتبة الثَّانية منال إسماعيل عبدو، مناصفة في المرتبة الثّالثة لجين عبد الله عمران، وماوية عمران طيب. وقد نوه الدكتور شفيق بيطار في تقرير لجنة التحكيم أن وزارة الثقافة تولي اللغة العربية أهمية خاصة ولاسيما الاحتفاء بيوم اللغة والشعر وأن اللجنة اهتمت بإتقان الحفظ وجودة الإلقاء وحسن الفهم في اختيارها للفائزين.