لطالما كتبنا سابقاً عن بحرنا المتوسطي -بشاطئه ومياهه الإقليمية- الممتد من حدودنا مع لبنان جنوباً وحتى حدودنا مع تركيا شمالاً، وقلنا إن حمايتنا له واستثمار جماله وخيراته واستفادتنا منه، مازالت دون المستوى المطلوب بكثير لأسباب غير مبررة بمعظمها.
اليوم نعود للحديث في هذه الزاوية عن واقع هذا (البحر)من جوانب عديده مع التأكيد على ضرورة العمل بكل الإمكانات لمعالجة هذا الواقع، وبما يؤدي إلى أن يصبح مصدر دخل جيد لخزينة الدولة، وبما لاينعكس سلباً على المواطن ذي الدخل المحدود بل بما ينعكس إيجاباً على معيشته وحياته.
إن الأسماك المتواجدة في(بحرنا)من أفضل الأسماك في بحار العالم كما يقال، لكن ما يصل إلى المواطنين منها قليل جداً، وأسعاره فوق إمكانات معظمهم، والأسباب تعود لاستخدام الديناميت في الصيد وغياب الزوارق المناسبة للصيد في الأعماق، وانعدام مشاريع التربية والإنتاج المنظّم، والمرافئ المتوضعة على الشاطئ وخاصة مرفأي اللاذقية وطرطوس، في وضع غير مقبول، وتحتاج إلى توسيع وتطوير في كافة المجالات، لتكون هي الأساس في إعادة إعمار ما دمره الإرهاب.
والسفن التي تمخر عباب المتوسط قاصدة مرافئنا، بأمس الحاجة إلى بنى تحتية لتخديمها وصيانتها وتعمير ما يحتاج إلى تعمير منها، وإلى تسجيلها تحت العلم السوري، وجزيرة أرواد الفريدة التي نتغنى بها وبتاريخها مازالت في وضع سيئ جداً، وبأمس الحاجة للنظافة والتأهيل والتطوير -ومعها بقية الجزر-،وفق رؤية وزارة السياحة المستندة للمخطط التنظيمي الذي صدر لها منذ نحو أربع سنوات، ووفق مقترحات ورشة العمل التي أقيمت في بداية آيار 2018 من أجلها بمشاركة عدة وزارات.
وأملاكنا البحرية على امتداد شاطئه، لم يتم استثمار معظمها والاستفادة منها بالشكل المطلوب، ولا يزال الكثير منها مثار خلاف بين الموانئ ومجالس المدن والبلدان والبلديات، والواجهة البحرية الشرقية على كورنيش طرطوس مجمدة منذ أكثر من أربعين عاماً وباتت أبنيتها مهترئة تتساقط موادها على من تبقى من السكان، ومنظرها قميء جداً مقارنة بأي واجهة على كامل شواطئ المتوسط وغيره، ومع ذلك لم يتم إنهاء مشكلتها حتى الآن، والفقراء وذوو الدخل المحدود ليس لهم أي نصيب يذكر من شواطئه فالشواطئ المفتوحة لهم قليلة أو شبه معدومة، وكل ما أقيم من استثمارات عليه يخص الطبقة الميسورة.
وإضافة لما تقدم تمت إقامة الكثير من الأبنية على شاطئه بشكل مشوه جداً، إما بشكل عشوائي دون ترخيص، وإما بسبب تصنيف البلديات المسؤولة عن بعض القطاعات الجغرافية المتوضعة عليه، ضمن تصنيف بلديات الدرجة الرابعة، في الوقت الذي يجب أن تكون درجة أولى، بسبب الأهمية السياحية والاقتصادية والتنموية للشواطئ في كل دول العالم.
إن ماذكرناه آنفاً إضافة لتأخرنا كثيراً في استثمار الكميات الكبيرة من الغاز والنفط الموجودة في مياهنا الإقليمية يعكس تقصير الجهات المحلية والمركزية والحكومات المتعاقبة تجاهه وتجاه المواطنين القاطنين على شاطئه وتجاه الوطن ..وكاف لمطالبة القائمين حالياً على هذه الجهات بمعالجة تلك الموضوعات والقضايا ضمن أولويات وبرامج تنفيذية محددة وإلا فستصبح مقصرة كمن سبقها.
على الملأ -هيثم يحيى محمد