“تشاتام هاوس”: إثيوبيا مهددة بالتفكك والانهيار

الثورة – ترجمة ميساء وسوف:

امتد الصراع بين الحكومة الفيدرالية وقوات دفاع تيغراي (TDF) إلى ما وراء تيغراي، وأدى إلى تكثيف العداوات القديمة بين تيغراي وأمهرة مما أدى إلى تعميق الخلافات القائمة على الهوية في جميع أنحاء إثيوبيا.
الاقتتال هذه الأيام يقترب أكثر من أي وقت مضى من العاصمة أديس أبابا، مما يهدد بتصعيد كارثي، وقد أعلن مجلس الوزراء الإثيوبي حالة الطوارئ على مستوى البلاد، وهناك تقارير واسعة النطاق عن اعتقال مدنيين من تيغرايان دون أسباب معقولة، وتنصح الحكومات في جميع أنحاء العالم، من الولايات المتحدة إلى تركيا، مواطنيها بمغادرة البلاد على الفور.
في غضون ذلك، يواجه شمال إثيوبيا أزمة إنسانية متفاقمة، حيث يوجد أكثر من ثمانية ملايين شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة، وفي تيغراي، يُعتقد أن ما لا يقل عن 400 ألف شخص يعيشون في ظروف مجاعة، كما نزح مليونا شخص، وهناك أكثر من 60 ألف لاجئ في السودان، ودخلت القوافل الإنسانية الأولى منذ أكثر من شهر، لكن لا تزال هناك حاجة إلى 100 شاحنة يومياً لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المحليين.
وقد كشف تحقيق مشترك أجرته الأمم المتحدة واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان، عن الانتهاكات الواسعة النطاق والتعذيب والعنف ضد المدنيين التي ارتكبتها قوات الدفاع الوطني الإثيوبية (ENDF) وكذلك قوات التيغرايان والأمهرة والإريترية خلال مراحل مختلفة من الصراع والتي يرقى بعضها إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
يعيش الناس ظروف مجاعة في تيغراي، لكن اللعبة النهائية لهم ما زالت غير واضحة، ما زال يتعين عليهم صياغة خطة سياسية متماسكة أو تشكيل تحالف لديه فرصة لاكتساب الشرعية الوطنية.
أقامت جبهة تحرير تيغراي الشعبية مؤخراً تحالفاً مع سبع مجموعات أصغر تطالب بتشكيل سلطة انتقالية، لكن تفاصيل الاتفاقية، التي لا تشمل العديد من أصحاب المصلحة الشرعيين، لا تزال غير واضحة.
من جانبه، لا يزال رئيس الوزراء آبي أحمد متفائلاً وملتزمًا بالنصر العسكري، بعد أن أعلن أنه سيقود الجيش من خط المواجهة، ودعا المواطنين إلى حمل السلاح ضد الجماعات التي تصنفها حكومته على أنها إرهابية. وهو يحافظ على دعم كبير في أديس أبابا لكن الحكومة الفيدرالية لم تعد قاعدة السلطة الوحيدة في البلاد.
لا يبدو أن أيا من الجانبين مستعد للاستماع إلى الدعوات الخارجية للسلام. يبدو أن آبي يعتقد أن المجتمع الدولي يريد إسقاطه، وبالتالي فإن خياره الوحيد هو اتباع نهج المنتصر، كما ترى المجموعات الانفصالية القليل من القيمة في التفاوض، خاصة منذ التطورات الأخيرة، لذلك كلا الجانبين ينظر إلى الآخر على أنه تهديد وجودي.
وقد مارس الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعض الضغط من خلال وقف المساعدات، حيث قامت الأخيرة أيضاً بتعليق عضوية إثيوبيا في قانون النمو والفرص في إفريقيا، لمحاولة إنهاء الصراع، وتم حجب العقوبات المفروضة على الجهات الفاعلة الإثيوبية، على الأقل في الوقت الحالي، لإتاحة الوقت للمفاوضات لتؤتي ثمارها، وستكون الوساطة ضرورية لحل هذا النزاع، لكن لا يوجد جهة فاعلة واحدة يمكنها تنفيذه بفعالية.
ينخرط ممثل الاتحاد الأفريقي في القرن الأفريقي، الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، في الدبلوماسية المكوكية، لكن فريقه يحتاج إلى مزيد من الدعم والموارد لتحقيق تقدم ملموس، إن الاتحاد الأفريقي في موقف حرج، ومقره الرئيسي يقع في أديس أبابا ونموذج صنع القرار الخاص به يتطلب إجماعاً، مما يجعل اتخاذ إجراءات قوية مثل تعليق عضوية إثيوبيا أمراً غير محتمل للغاية.
وحتى قبل الانقلاب في السودان، فقد أدى تدهور العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا، والعلاقات بين السكرتير التنفيذي الإثيوبي ل”IGAD” وآبي، إلى صعوبة قيام الكتلة بدور الوسيط.
لا يمكن رسم خارطة طريق للسلام المستدام في إثيوبيا إلا بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ويجب على كل من الحكومة الفيدرالية والمتمردين الاعتراف ببعضهم البعض كمحاورين، وسيتطلب ذلك من الحكومة الفيدرالية رفع تصنيفات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وغيرها كمجموعات إرهابية، وأن تقبل الجماعات المتمردة شرعية الولاية القضائية الفيدرالية.
ستحتاج الحكومة والولايات الفيدرالية أيضاً إلى السماح بوصول الإغاثة الإنسانية إلى تيغراي كمسألة عاجلة. وفي غضون ذلك يمكن تشكيل لجنة مراقبة وتقييم مستقلة بتفويض من الأمم المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار.
يجب أن تشمل العملية الانتقالية الحكومة الفيدرالية والحركات المتمردة وكبار قادة أحزاب المعارضة مثل جوار محمد ، وبيكيلي جيربا، وإسكندر نيغا، فضلاً عن المجتمع المدني والقادة الدينيين والشخصيات البارزة.

مثل هذه العملية الشاملة يمكن أن تؤدي إلى حكومة وحدة وطنية مؤقتة معترف بها من قبل جميع أصحاب المصلحة، ويمكن لهذه الحكومة بفترة ولاية قصيرة ومحددة مسبقاً، تنفيذ إصلاحات مؤسسية لتعزيز المشروع الفيدرالي والسماح بانتقال حقيقي للسلطة من شأنه أن يمهد الطريق لانتخابات وطنية تلبي التوقعات المحلية والمعايير الدولية.
تسببت الحرب الأهلية في إثيوبيا في معاناة لا يمكن تصورها، ودفعت البلاد إلى حافة الانهيار. حان الوقت الآن للنخب لتنحية مصالحها الذاتية جانباً والعمل من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تعالج المظالم المتفاقمة في البلاد، وبناء نظام مجتمعي جديد قائم على التفاهم المتبادل والشمولية.
المصدر: Chatham House

آخر الأخبار
مستشار هندسي يطرح حلولاً عملية كخارطة طريق إلى التنمية المستدامة 25 جراراً من مؤسسة حمد بن خليفة لدعم قطاع الزراعة الدولار يواصل التذبذب في دمشق (سوريا الحلم) ليست بعيدة.. ومرحلة النهوض الشاملة قادمة تخصيب اليورانيوم.. عقدة المفاوضات الأميركية-الإيرانية "أوبزيرفر": لقاء الرئيسين الشرع وترامب ليس مجرد رمزية من الوزن الثقيل The NewArab: بنوك سورية تنتظر تفعيل رموز "سويفت" لتعود إلى السوق العالمية "سويفت" يعيد تموضع الاقتصاد السوري على الخارطة.. اكريم لـ"الثورة": نتائج أولية خلال ٣ أشهر جمعية الصحة العالمية: تعاون دولي لمواجهة قضايا حيوية رمال السيليكا.. كنزاً استراتيجياً صامتاً. تحركات استثمارية للاستفادة من احتياطات ضخمة ذات نقاوة عالي... من قطيعة إلى فرصة.. كيف أضرّ نظام الأسد بالعلاقة الأميركية-السورية؟ الشيباني : خطوات عملية لحل ملف الموقوفين السوريين في لبنان اجتماع تركي-أميركي في واشنطن غدا لبحث تحقيق استقرار سوريا "نكبة فلسطين.. تسرد حكاية" شعب مشرد ينشد وطناً مآثر ومراثي علّامة الأدب القديم الدكتور محمد شفيق البيطار في ذكرى رحيله الياسمينة المنسية .. نازك العابد.. امرأة قاومت بالكلمة والبندقية خزان "تل المصطبة" يؤمن المياه لقاطني جنوب دمشق  م. درويش لـ "الثورة": خط كهرباء معفى من التقنين.... فضاءات للراحة تحولت لكابوس حديقة الطلائع في طرطوس.. من أكلها الإهمال أم الفساد ؟ "المخطط الفينيقي" منافساً في كان سينما المرأة